للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ج- فإذا انتهت مدة العدَّة ولم يراجعها الزوج، ثم أسف الزوج على ما وقع، وأراد إرجاع زوجته، ففي هذه الحالة يشترط أن ترضى الزوجة بالرجوع، وأن يتمَّ ذلك بعقد نكاح جديد ومهر جديد.

د- فإذا كرَّر الزوج الطلاق مرَّتين بالكيفية التي بينَّاها، ثم طلقها المرة الثالثة، ففي هذه الحالة لا يمكنه إعادتها إليه إلّا بشروط ثقيلة، هي: أن تنتهي عدتها، ثم تنكح زوجًا غيره نكاحًا حقيقيًّا لا صوريًّا، ثم يفارقها هذا الزوج بموتٍ أو طلاق، ثم تنتهي عدتها من هذه الفرقة، ثم تعقد عقد نكاح جديد مع مطلقها الأول برضى تامّ منهما وبمهر جديد.

١٤٩- هذه هي إجراءات الشرع الإسلامي لمنع وقوع الطلاق، أو لمنع إساءة استعماله بدون رويِّة وتأمّل، فإذا لم تنفع كل هذه الإجراءات الطويلة لمنع أو إزالة أسباب الطلاق، فإنَّ وقوعه هو الحلّ الوحيد لفضِّ النزاع، وإنهاء هذه الرابطة التي لم تعد مبعث ارتياح واستقرار، وإنَّما أصبحت مبعث شر وخصام، ولإفساح المجال لكلٍّ من الزوجين ليجرِّب حظه في زواج آخر.

وقد يقال هنا: ما الحكمة في إعطاء الزوج حق الطلاق دون الزوجة؟ والجواب: إنَّ الرجل عادةً أكثر سيطرة على عواطفه من المرأة؛ ولأنَّ الطلاق يحمِّله أعباء مالية كثيرة قد تدفعه إلى الرويِّة وعدم الاستعجال، ومن هذه الأعباء: المهر المؤجَّل، ونفقة العدة، ونفقة الأولاد، ومع هذا فيجوز للمرأة أن تشترط لنفسها في عقد النكاح حقَّ الطلاق، فتطلق نفسها منه بموجب هذا الشرط. كما أنَّ للمرأة أن تطلب من القاضي أن يفرِّق بينها وبين زوجها إذا أصابها من الزوج ضرر يبرّر حل الرابطة الزوجية.

ومن هذا العرض السريع الموجز لبيان نظام الطلاق في الإسلام يتبيِّن لكل منصفٍ أنه نظام كامل يعتَبَر من محاسن الشريعة الإسلامية؛ إذ ليس من المنطق ولا المصلحة إبقاء الرابطة الزوجية بعد أن ظهر عدم الفائدة من بقائها، أو ظهر أنَّ بقاءها مضر، ولهذا نجد الدول الغربية تقرر جواز الطلاق المدني؛ لأن الكنائس لا تجيزه، وحتى إيطاليا التي كانت إلى عهد قريب تأخذ بالتفريق الجسماني بين الزوجين عند وجود أسبابه، ومعناه أنَّ الزوجين يعيشان منفردين، ولكن يعتبر كلّ منهما زوجًا للآخر بحكم القانون، ولا يحق لأحدهما الزواج؛ لأن الرابطة الزوجية تعتبر باقية قانونًا، إلّا

<<  <   >  >>