للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أهمية هذا الموضوع وعظيم عناية الإسلام به. والواقع أنَّ حالة المرأة في المجتمع ومدى ما لها وما عليها من الحقوق والواجبات، ونوع الضوابط التي تحكم سلوكها، كل ذلك كان ولا يزال من أعظم المؤثِّرات في سير المجتمع، وفي مدى صلاحه وفساده، ولهذا كله فقد أولى الإسلام مسألة المرأة كل ما تستحق من عنايةٍ وتوضيح حتى تستبين الأمور، ويعرف الناس المسلك السديد في معالجة هذه المسألة على الوجه الصحيح.

ونحن في هذا البحث لا نريد الإحاطة بكل جزئيات الموضوع، وإنما نريد ذكر النقاط البارزة فيه على وجهٍ يعطي فكرة جيدة عن مركز المرأة في المجتمع في نظر الإسلام.

مركز المرأة في المجتمع قبل الإسلام:

١٥٤- من المفيد أن نذكر شيئًا عن مركز المرأة في المجتمع العربي الجاهلي قبل الإسلام؛ لترى مدة الإصلاح العظيم الذي جاء به الإسلام في هذا الموضوع، ثم نعرف المعايب والأخطاء والأباطيل التي كان عليها الناس قبل الإسلام في مسألة المرأة، حتى لا يقع المجتمع الإسلامي فيها، وقد روي عن سيدنا عمر -رضي الله عنه- أنه قال: "إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة، إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية"؛ لأنه إذا لم نعرف قبائح الجاهلية لم نتوقها، وربما خالطناها أو وقعنا فيها.

والمجتمعات غير العربية قبل الإ سلام، أو التي لم تهتد بهديه بعد بزوغ شمسه، لم تكن أحسن حالًا من المجتمعات العربية الجاهلية.

ونذكر فيما يلي بعض الأوضاع التي كانت عليها المرأة في المجتمعات الجاهلية العربية وغير العربية:

أولًا: كان العرب قبل الإسلام ينظرون إلى المرأة نظرة احتقار وامتهان، ويحزنون لولادة الأنثى، وقد بيِّنَ القرآن الكريم هذه الحالة النفسية التي كانت تنتابهم، فقال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ، يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} ، حتى آلَ الأمر ببعضهم إلى وأد البنات وهي في قيد الحياة، قال تعالى: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ، بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} .

<<  <   >  >>