للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعثمان لم يصر إمامًا باختيار بعضهم -أي: الستة الذين اختارهم عمر، بل بمبايعة الناس له، وجميع المسملين بايعوا عثمان بن عفان لم يتخلف عن بيعته أحد"١.

وإذا كان تكييف ولاية العهد أنَّه ترشيح، وأنَّه يسبق بمشاورة أهل الحل والعقد، وظهور رضاهم عن المرشح، فإنه لا شك مسلك سديد وحميد لاختيار الخليفة، ولا يناقض حق الأمة في اختيار الخليفة، بل وقد يرجّح على طريقة انتخاب أهل الحل والعقد للخليفة دون عهد منه إلى أحد، لما في العهد من حسم لمادة الخلاف والنزاع، ولهذا رجح هذه الطريقة الإمام ابن حزم فقال: "وهذا -أي العهد- هو الوجه الذي نختاره ونكره غيره؛ لما في هذا الوجه من اتصال الإمامة وانتظام أمر الإسلام وأهله، ورفع ما يتخوّف من الاختلاف والشغب ممَّا يتوقع في غيره من بقاء الأمة فوضى، ومن انتشار الأمر وحدوث الأطماع٢.

شروط الخليفة:

٣٤٤- يشترط في الخليفة جملة شروط، كلها تلتقي في تحقيق كفايته للنهوض بأعباء هذا المنصب الخطير على الوجه المرضي لله تعالى، والمحقق لمصلحة الأمة، وهذه الشروط على ما ذكره الفقهاء هي:

أولًا: الإسلام: فيجب أن يكون مسلمًا؛ لقوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} ، أي: منكم أيها المسلمون، فهو من المسلمين، ولقوله تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا} ، والخلافة أعظم السبيل فلا تكون لغير مسلم، ولأنَّ حقيقة الخلافة كما سنبيِّن فيما بعد خلافة عن صاحب الشرع في حفظ الدين، فمن البديهي أن تودع هذه الأمانة بيد من يؤمن بهذا الدِّين، وأن لا تسند لمن يكفر به.

ثانيًا: أن يكون رجلًا؛ لقوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} ، ولحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة"، وهذا حديث صحيح رواه البخاري وغيره من أئمة الحديث٤، والواقع خير شاهد، فإن المرأة تعجز عن


١ منهاج السنة لابن تيمية ج١ ص١٤٠- ١٤٣.
٢ الملل والنحل لابن حزم ج٤ ص١٦٩.
٣ تيسير الوصول ج٢ ص٣٦.

<<  <   >  >>