الآيات الكريمة وأمثالها تضيف الملك للإنسان، مما يدل دلالة قاطعة وواضحة على أنَّ الإسلام يقرّ مبدأ الملكية الفردية، وفي السنة النبوية الشيء الكثير من الأحاديث الشريفة التي تقرر هذا المبدأ، منها:"لا يحل مال امرئ مسلم إلّا بطيب من نفسه".
وقد شرِّعت نظم في الإسلام تقوم أساسًا على الإقرار بمبدأ حق الملكلية الفردية، منها: الميراث، والزكاة، والمهور في النكاح، والنفقات، وغير ذلك؛ إذ بدون الاعتراف بحق الملكية لا يبقى معنى للميراث، ولا يمكن تحقيق في فرض الزكاة ... إلخ.
٤٠٨- والدلائل الشرعية الدالة على إقرار مبدأ حق الملكية الفردية لا تفرِّق بين مال ومال، فسواء كان المال المملوك منقولًا أو عقارًا، مأكولًا أو غير مأكول، حيوانًا أو نباتًا، وسائل إنتاج أو وسائل استهلاك، فكل هذا الاختلاف في المال موضوع الملكية لا يهم؛ لأنَّ المال المضاف إلى الفرد إضافة ملك واختصاص الذي جاءت به النصوص الشرعية، وذكرنا بعضها، لم تقيد المال بصفة معينة، بل جاءت مطلقة من كل قيد، عدا ما عرف من نصوص أخرى من حرمة تملك بعض الأشياء، كالخمر والخنزير، أو ما كان سبب ملكه حرامًا، وإن كان هو بنفسه يصلح أن يكون مملوكًا، كالمغصوب والمسروق ونحو ذلك.
٤٠٩- وقد رتَّب الإسلام على مبدأ حق الملكية الفردية التزامًا عامًّا على الكافَّة باحترامه وعدم المساس به إلّا بوجه حق، قال تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} ، وقال تعالى:{وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا} ، وفي الحديث الشريف:"لا يحل مال امرئ مسلم إلّا بطيب من نفسه"، كما قرَّر الإسلام عقابًا لمن ينقض هذا الالتزام ويتجاوز على حق الملك للغير، فهناك عقوبة السرقة وقطع الطريق وخيانة الأمانة والنهب ونحو ذلك، سواء أكانت هذه العقوبات عقوبات حدود أم تعزير.
٤١٠- ولكنَّ إقرار الإسلام بحق الملكية الفردية لا يعني أنه حق مطلق من كل قيد، وأن موقف الإسلام منه هو موقف الحارس له فقط، فالحقيقة أنَّ الإسلام مع إقراره بحق الملكية وحمايته له، فإنه ينظمه ويقيده بجملة قيود منذ نشأته إلى اندثاره، وبهذا يجمع الإسلام بين موقفين بالنسبة لحق الملكية الفردية، الأول: الاعتراف به والحماية له، الثاني: التقيّد والتنظيم لهذا الحق، وهذا التقييد يظهر فيما يأتي: