٤١١- أولًا: من حيث نشأة حق الملكية الفردية، يشترط الإسلام أن ينشأ عن سبب شرعي، فإن نشأ عن سبب غير شرعي فإنَّ الإسلام لا يعترف به ولا يحميه، بل يأمر بنزعه من يد حائزه وردِّه إلى مالكه الأصلي، فإن لم يوجد وضع في بيت المال. والأسباب الشرعية للملكية:
أ- الاستيلاء على المال المباح، ويندرج تحت هذا النوع الصيد، وإحياء الأرض الموات، والاستيلاء على الكلأ والآجام، واستخراج المعادن والكنوز، وكل ذلك بشروط معينة١.
ب- العقود والتصرفات مثل البيع والهبة والوصية والإجارة والشركة والمضاربة والمزارعة والمغارسة ونحو ذلك، بشرط أن تكون هذه العقود والتصرفات بالكيفية التي شرعها الإسلام. ج- الميراث؛ حيث يخلف الوارث المورث في ملكية تركته بأسباب وشروط معينة معروفة في باب الميراث في كتب الفقه الإسلامي.
هذه هي الأسباب الشرعية المنشئة لحق الملكية، فإن نشأ هذا الحق بها اعترف الإسلام به، ولا يهم بعد ذلك كميتها ولا نوعيتها؛ لأن المنظور إليه في الشرع في باب الملكية الفردية الشرعية لا الكمية ولا النوعية، أي: المنظور إليه السبب المنشيء للملكية، فإن كان مشروعًا كان الملك مشروعًا محميًّا من قِبَل الإسلام، ولهذا فإنَّ الإسلام يحمي الملك الكثير إذا كان سببه مشروعًا، ويرفض الاعتراف والحماية للملك القليل إذا كان سببه غير مشروع، إنَّه يعترف بملك الأرض الواسعة ما دام ملكها نشأ عن سبب مشروع، ويرفض الاعتراف بملكية شبر واحد مغصوب؛ لأن الغصب ليس سببًا شرعيًّا للملكية.
٤١٢- ثانيًا: أمَّا قيود الملكية في بقائها ونمائها فتظر فيما شرعه الإسلام من حقوقٍ في مال الإنسان، ووجوب أداء هذه الحقوق، مثل: حق الزكاة والنفقات الشرعية، كما تظهر هذه القيود في نماء الملك، فقد حدَّد الإسلام سبل تثمير المال وتنميه، ومنها: التجارات والمزارعات والشركات ونحو ذلك، فلا يعترف الإسلام بالنماء الناتج عن سبب باطل حرام كالربا مثلًا، أو بيع الخمور، أو فتح نوادي القمار، إنَّ هذا النماء
١ انظر تفصيل ذلك في كتابنا: المدخل لدراسة الشريعة الإسلامية.