للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥٤٩- والداعي المسلم الصادق يظهر أثر صدقه في وجهه وصوته، فقد كان -صلى الله عليه وسلم- يتحدث إلى من لا يعرفونه، فيقولون: والله ما هو بوجه كذَّاب ولا صوت كذاب١، ولا شكَّ أن ظهور أثر الصدق في وجه الداعي وصوته يؤثر في المخاطب، ويحمله ذلك على قبول قوله واحترامه، إلّا إذا كان عمى القلب قد بلغ منه مبلغًا عظيمًا، ومهما يكن من أمر فإنَّ الصدق والنفاق أساسه الكذب، فكيف يمكن أن يكون الداعي كذابًا؟ والكذي يهدي إلى الفجور كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم، فكيف يمكن أن يكون الفاجر داعيًا إلى الله؟

ثانيًا: الصبر

٥٥٠- الصبر من فروض الإسلام وهو نصف الإيمان، وذكره القرآن الكريم في أكثر من ثمانين موضعًا أمر به {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} ، ونهيًا عن ضده {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} ، ومحبة لأهله {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِين} ، ومعيته تعالى لهم {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِين} ، وعاقبته خير {وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُم} ، وجزاؤه عظيم {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ، وأهل الصبر هم المنتفعون بالآيات والعظات {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} ، وهو سبب لدخول الجنان {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} ، وبالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} ، هذا بعض ما في القرآن الكريم عن الصبر، وفي السنة النبوية أحاديث كثيرة في الصبر، منها: "ما أعطي أحد عطاء خيرًا له أوسع من الصبر"، "عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا اللمؤمن، إن أصابته سرَّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له".

٥٥١- والصبر لغة: الحبس والكف، وشرعًا: هو على ثلاثة أنواع: صبر على طاعة الله، وصبر على معصية الله، وصبر على المصائب والبلاء.

أمَّا الصبر على طاعة الله فيكون بالمحافظة عليها دومًا، والإخلاص فيها ووقوعها


١ تذكرة الدعاة للبهي الخولي.

<<  <   >  >>