وردت في الشريعة قواعد ومبادئ عامَّة تتضمَّن أحكامًا عامَّة يمكن بسهولة ويسر تطبيقها في كل زمان، وقد صيغت بكيفية تمكنها من سهولة هذا التطبيق ويسره، كما أنَّ معناها الحق لا يمكن أن يتخلف عن أي مستوى عالٍ يبلغه أي مجتمع، وبالتالي يتَّسع لكل مصلحة حقيقية جديدة للناس، كما أنَّ هذه القواعد والمبادئ تعتبر كالأساس لما يقوم عليها من أحكام جزئية، ولما يتفرَّع عنها من فروع، فمن هذه القواعد والمبادئ:
٨٧- أولًا: مبدأ الشورى
وهو مبدأ أصيل من مبادئ الشريعة في نظام الحكم الإسلامي، ووصف من أوصاف المسلمين في تجمعهم ومباشرتهم أمور الحكم والسلطان، قال تعالى:{وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} ، وقال تعالى لرسوله الكريم -صلى الله عليه وسلم:{وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} ، إنَّ هذا المبدأ أسمى وأعدل وأحكم قواعد الحكم الصالح بين البشر، ولا يمكن الاستعاضة عنه بغيره، وقد جاء بدرجة كافية من العموم والمرونة؛ بحيث يتَّسع لكل تنظيم صحيح يوضع لتطبيق هذا المبدأ، وسيأتي شيء من التفصيل لهذا المبدأ عند الكلام عن نظام الحكم في الإسلام.
٨٨- ثانيًا: مبدأ المساواة
وهو أيضًا من مبادئ الإسلام العظيمة، وله مظاهر كثيرة في جميع جوانب التشريع الإسلامي، منها: المساواة أمام القانون، وفي تطبيق الأحكام، وفي المراكز القانونية إذا ما تساوى الأشخاص في الشروط التي يشترطها التشريع الإسلامي، ومساواة في التكاليف إذا تساوى الأفراد في أسبابها الموجبة، إنَّ هذ المبدأ العظيم طبِّق فعلًا في واقع الحياة، وحرص النبي -صلى الله عليه وسلم- على تطبيقه، فقد جاء في السُّنَّة الشريفة أنَّ امرأة من بني مخزوم سرقت، فجاء أسامة بن زيد يستشفع لها عند رسول الله، فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم:"أتشفع في حَدٍّ من حدود الله"؟ ثم قال -عليه الصلاة والسلام:"إنَّما أهلك الذين من قبلكم أنَّهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أنَّ فاطمة بنت محمد لقطعت يدها".
ولا شكَّ أن المساوة وما ابتني عليها وما تفرَّع عنها، قاعة يهش لها العقل السليم