وتتقبلها الفطرة السليمة، وتستقيم بها الأمور، وتنصلح الأحوال، ومن ثَمَّ فهي صالحة في كل زمان ومكان.
٨٩٨- ثالثًا: مبدأ العدالة
العدالة في الإسلام مبدأ بارز، يظهر هذا البروز في الأمر بها، والحكم بين الناس بموجبها، والالتزام بمقتضاها بالنسبة للقريب والبعيد، والعدو والصديق، وفي المحكمة وفي السوق، وإدارة شئون الدولة وفي البيت، وحتى فيما يعطيه الأب لأولاده، إنَّ روح العدل وجوهره إعطاء كل ذي حق حقه، واستعمال كل شيء في موضوعه، وهذا المعنى الواسع للعدل يحكم جميع تصرفات الإنسان، وعلاقاته بغيره، وواجباته نحو غيره من بني الإنسان.
ومن النصوص القرآنية الواردة في موضع العدل قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} ، وقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} ، ولا شكَّ أن هذا المبدأ يضمن مصالح الناس ويتَّسِع لكل تنظيم صحيح يحقق معنى العدالة والمقصود منها، فإذا رُؤِيَ أنَّ تحقيق العدالة في القضاء يستلزم جعل المحاكم على درجتين: ابتدئية واستئنافية، أو أنَّ المحكمة تؤلف من أكثر من حاكم واحد، أو تعيين هيئة تدقيقية لأحكام المحاكم "محكمة التمييز"، فهذا ونحوه سائغ جائز ما دام فيه تحقيق العدالة في القضاء على وجه سليم.
٩٠- رابعًا: قاعدة: لا ضرر ولا ضرار
وهي حديث نبوي، ومعناها: إنَّ الضرر مرفوع بحكم الشريعة، أي: لا يجوز لأحد إيقاع الضرر بنفسه أو بغيره، كما أنَّ مقابلة الضرر بالضرر لا يجوز؛ لأنه عبث وإفساد لا معنى له، فمن أحرق مال غيره فلا يجوز للغير إحراق مال المعتدي، وإنما له أن يطالبه بالتعويض، وإذا كان الضرر ممنوعًا فإنَّه إذا وقع وجب رفعه، ولهذا جاءت قاعدة فرعية مبنية على هذه القاعدة هي:"الضرر يزال"، وهناك فروع وأحكام كثيرة بنيت على هذه القاعدة، منها: تقرير حق الشفعة، ومنع التعسف في استعمال الحق،