وحق السلطة في اتخاذ الإجراءات الوقائية لمنع الضرر عن الناس؛ كحجر المرضى والقادمين إلى البلاد في محاجر خاصة، والتسعير في ظروف معينة، إلخ.
٩١- النوع الثاني: الأحكام التفصيلية
الأحكام التفصيلية في الشريعة الإسلامية كثيرة يطول شرحها وبيانها وفحصها؛ لاظهار مدى قابليته للبقاء والاستمرار، ولهذا نكتفي بأخذ "عينات" و"نماذج" من هذه الأحكام للتأمل فيها وفحصها والتحديق فيها؛ ليتبين لنا مدى صلاحيتها للبقاء والعموم. إنَّ أحكام الشريعة كما ذكرنا إما أن تتعلق بأمور العقيدة أو بالأخلاق أو بالعبادات أو بالمعاملات، وعلى هذا نأخذ بعض النماذج من كل مجموعة من هذه المجموعات.
٩٢- فمن أحكام العقيدة وجوب الإيمان بالله وبرسوله محمد -صلى الله عليه وسلم، ومسألة الإيمان بالله ورسوله من المسائل البديهية التي يؤمن بها كل عقل سليم وكل فطرة سليمة، وعليها من الأدلة والبراهين ما لا يوجد على غيرها من البديهيات، وقد قدَّمنا بعض ذلك أثناء كلامنا عن أركان الإسلام، وعلى هذا فلا يتصور مجيئ زمان أو جيل من الناس يقال فيه: إن مسألة الإيمان بالله وما يتفرّع عنها من مسائل العقيدة، أو مسألة الإيمان بمحمد -صلى الله عليه وسلم، أصبحت من المسائل العتيقة التي تناقض العصر ولا يقرّها العقل؛ لأن العقل لا ينكر الحقائق الثابتة، وأنما يؤكدها ويعمقها في النفس؛ ولأنَّ شأن الحقائق الثابتة الخلود، والعقل يعترف ويقر بهذا الثبات، ولا شكَّ أن الإيمان بالله من الحقائق الثابتة الخالدة التي لا يمكن أن تتغير وتنقض في أي زمان، فهي كمسألة واحد وواحد يساوي اثنين.
٩٣- ومن أحكام العبادات وجوب الصلاة والصيام ونحو ذلك، ومسائل العبادة من لوازم الإيمان بالله ومقتضاه؛ لأنها تنظيم لعلاقة الفرد بخالقه، والوفاء بحق هذا الخالق العظيم، والإنسان لا ينفكُّ عن صفة مخلوقيته لله في أي دهر من الدهور، وفي أي زمن من الأزمان، وبالتالي لا ينفكّ عن وجوب أداء حق الله عليه، ولا يستغني عن تنظيم علاقته بربه، والعبادات بعد هذا وسيلة لتزكية النفس وطهارتها، وحشوها بمعاني الحق، وتخليتها من الكدروات، وربطها بخالقها، ودفعها إلى الخير، ومنعها من الشر، وقد أشار القرآن الكريم لبعض هذه المعاني في قوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ