على اساس العدالة وتحقيق الزجر للمجرم، وحفظ مصلحة الفرد والجماعة، فعقوبة الردة على أصلين: الأول: إخلال المسلم بالتزامه بأحكام الإسلام، الثاني: درء المفسدة عن المجتمع، وبيان ذلك أنَّ الفرد بإسلامه إلتزم بأحكام الإسلام وأصوله، وعدم الخروج عليها أو هدمها، فإن فعل ذلك مخلًّا بالتزامه، فيناله جزاء هذا الإخلال، هذا من جهة، ومن جهة أخرى: فإنَّ في الردة وإعلانها مفسدة للجماعة وإضرار بها مع التعمُّد وسبق الإصرار؛ لأنَّ المرتدَّ ما كنَّا نعرفه لولا إعلان ردته المتعمدة، قاصدًا من وراء ذلك تشكيك الناس في عقائدهم، وإحداث الاضطراب فيما بينهم، وزعزعة كيان الدولة التي اتخذت الإسلام أساسًا لها في قيامها وبقائها وأهدافها.
فكان لا بُدَّ من عقوبة زاجرة لمنع هذا الفساد عن الناس وعن الدولة ذاتها، التي اتخذت الإسلام أساسًا لها كما قلنا. وعقوبة الزنى بنيت على أساس رعاية الأخلاق ومنع إفسادها للفرد والأسرة والمجتمع؛ كشيوع الأمراض واختلاف الأنساب وخراب البيوت والعزوف عن الزواج، وما إلى ذلك، والشريعة من أصولها وأهدافها العناية بالأخلاق ومنع الفساد عن الناس، ولا شكَّ أنَّ المجتمع الفاضل يرحب بهذه العقوبة ولا يضيق بها ولا يجد فيها إلّا الخير والمصلحة وزجر المفسدين الذين يريدون التلهي والعبث بأعراض الغير.
وعقوبة السرقة -وهي قطع اليد- هي العلاج الحاسم لقطع دابر هذا الاعتداء على أموال الغير، وإشاعة الطمأنينة في نفوس الناس، إنَّ قطع يد واحدة ثمن قليل جدًّا لتحقيق طمأنينة المجتمع. إنَّ قطع اليد الخائنة المجرمة كقطع اليد المتآكلة التي يقرر الطبيب وجوب قطعها لسلامة الجسد، إنَّ عقوبة السجن للسرَّاق ما ردعت وما قلَّلت حوادث السرقة، ولكن عقوبة قطع اليد ردعت في الماضي المجرمين عن السرقات.
ولا تزال هذه العقوبة قادرة على الردع والزجر في الوقت الحاضر، وكون هذه العقوبة قديمة لا يقدح في صلاحها، فليس كل قديم فاسدًا، ولا كل جديد صالحًا؛ لأن صلاح الشيء يستفاد من ذاته ومدى نفعه لا من جدته وقِدَمه.
وعقوبة القتل العمد في الشريعة الإسلامية هي القصاص، أي: قتل الجاني، والقصاص حقٌّ لأهل المجنيّ عليه، فلهم أن يطلبوه، ولا يسع المحكمة الامتناع عن