للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعًا: قال فقهاء الحنابلة: "إذا أطلق الكفار الأسير المسلم واستحلفوه أن يبعث اليهم بفدائه أو يعود إليهم لزمه الوفاء"، قال تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ} قال: "إنَّا لا يصلح في ديننا الغدر"١.

خامسًا: إذا كانت دار الحرب تأخذ من رعايا دار الإسلام الداخلين إلى إقليمها ضريبة على أموالهم التي معهم؛ بحيث تستأصل هذه الأموال، أو تأخذ من أموالهم القليلة ضريبة كبيرة لا تتناسب مع أموالهم، فإنَّ دار الإسلام لا تقابلهم بالمثل، ويعلل الفقهاء قولهم هذا بأنَّ فِعل أهل دار الحرب غدر وظلم، فلا نقابلهم بالغدر والظلم؛ لأننا نهينا عن التخلق بمثل هذه الأخلاق وإن تخلَّقوا بها٢.

ثالثًا: لزومها في الوسائل والغايات

١٢٥- والخصيصة الثالثة لنظام الأخلاق في الإسلام أنَّ الالتزام بمقتضى الأخلاق مطلوب في الوسائل والغايات، فلا يجوز الوصول إلى الغاية الشريفة بالوسيلة الخسيسة، ولهذا لا مكان في مفاهيم الأخلاق الإسلامية للمبدأ الخبيث "الغاية تبرر الوسيلة"، وهو مبدأ انحدر إلينا من ديار الكفر. يدل على ذلك، أي: على ضرورة مشروعية الوسيلة ومراعاة معاني الأخلاق فيها قوله تعالى: {إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فهذه الآية الكريمة توجب على المسلمين نصرة إخوانهم المظلومين قيامًا بحق الأخوة في الدِّين، ولكن إذا كانت نصرتهم تستلزم نقض العهد مع الكفَّار الظالمين لم تجز النصرة؛ لأنَّ وسيلتها الخيانة ونقض العهد، والإسلام يمقت الخيانة ويكره الخائنين.

رابعًا: صلة الأخلاق بالإيمان وتقوى الله

١٢٦- الأخلاق في الإسلام موصولة بالإيمان وتقوى الله، قال تعالى: {فَأَتِمُّوا


١ المغني ج٨ ص٧٨٣.
٢ المبسوط ج١٢ ص٢٠٠، وحاشية ابن عابدين ج٢ ص٥٦.

<<  <   >  >>