فهذه الأخلاق هي في أصلها محمودة، وإنما ذمت لانحرافها عن الغرض الصحيح والوجهة المرضية في الشرع، فتقويمها يكون بإزالة هذه الأغراض الخسيسة عنها، وبتوجيهها الوجهة الصحيحة، بأن تكون الشجاعة لنجدة الضعيف وإغاثة المظلوم وقهر الظالم وإعلاء كلمة الله ومحق الكفر والباطل ابتغاءَ مرضاة الله وحده، لا لطلب سمعة ولا رياء ولا جاهٍ ولا ثناء. وكذلك السخاء يوجه إلى الوجهة المرضية عند الله بأن يكون في سبيله ولطلب مرضاته، بأن ينفق المسلم ماله في أوجه البر مثل إكرام الضيف والجار وكفالة التيم وإعانة المحتاج أو إقراضه، والقيام على الأرملة والمسكين ونحو ذلك، يدل على ما نقول الأحاديث الشريفة الكثيرة، منها: عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء، أيّ ذلك في سبيل الله؟ فقال:"من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" ١، وفي القرآن الكريم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ} .
وفي الحديث الشريف:"الناس معادن؛ خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا"؛ لأنهم بهذا الفقه يستعملون صفاتهم واخلاقهم الجيدة في أصلها استعمالًا صحيحًا، ويوجهونها الوجهة الصحيحة، فيكونون خيار الناس.
ثالثًا: استبدال الخلق الذميم بالخلق الجيد، كاستبدال الكذب بالصدق، والغدر بالوفاء، والظلم والعدوان بالعدل والإنصاف. وهذا الاستبدال ممكن في كثير من الأخلاق؛ حيث يزول الخلق الذميم ويحلّ محله خلق جميل، كما نشاهد ذلك في الشخص الذي يتوب توبة صادقة.
وسائل تقويم الأخلاق:
١٢٩- هناك وسائل كثيرة لتقويم الأخلاق واكتساب الجيد منها، والتخلي عن الرديء منها، وقد يكون أهمّ هذه الوسائل ما يأتي:
١- العلم: ونقصد به هنا معرفة أنواع الأخلاق الحسنة التي أمر بها الإسلام،