وأنوع الأخلاق الرديئة التي نهى عنها الإسلام. إنَّ هذا العلم ضروي لأنَّه بدونه لا يدري المسلم بأيِّ خلق يتخلّق، ومن أي خلق يتجرَّد، وقد كفى الإسلام المسلم مؤنة البحث والاستنباط، فقد فصَّل الأخلاق بنوعيها، وما على المسلم إلّا أن يعرض نفسه على الأخلاق بنوعيها ليعرف موضعه منها، ثم يعمل جاهدًا لتكون أخلاقه أخلاقًا إسلامية حقًّا.
٢- ولا يكفي أن يعرف أنواع الأخلاق معرفة مجردة، بل يجب أن يعرف المسلم عظيم حاجته إلى الخلق الحسن؛ لأنه متصل بالإيمان وتقوى الله، وسبب للظفر برضوان الله ودخول الجنان، كما يجب أن يعرف عظيم ضرر الخلق السيء عليه؛ لأنه من علامات النفاق، وأمارات ضعف الإيمان، وسبب سخط الله ودخول النار. إنَّ هذه المعرفة ستدفعه إلى التخلّق بالأخلاق الحسنة رغبةً في رضوان الله تعالى، كما تدفعه إلى الخلاص من الأخلاق السيئة خوفًا من سخط الله؛ لأن مَنْ رَغِبَ في شيء سعى إليه، ومن خاف من شيء هرب منه.
٣- ولا يكفي للمسلم أن يعرف أنواع الأخلاق السيئة ونتائجها، بل عليه أن يستحضر هذه المعرفة في ذهنه لئلَّا ينساها، فإن آفة العلم النسيان، والنسيان يؤدي إلى إهمال معاني الأخلاق، فيضعف أثرها في النفس، ويصدر عنها ما لا ينبغي من الأفعال، ولهذا كرَّر القرآن الكريم معاني الأخلاق وبيِّنَ لنا أنَّ ما صدر عن أبينا آدم -عليه السلام- كان من أسبابه النسيان، قال تعالى:{وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا} ، ولمَّا غضب سيدنا عمر -رضي الله عنه- عندما قال له رجل: إنك لا تقضي بالعدل ولا تقضي بالحق، قال بعض الحاضرين: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى يقول:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} ، وهذا من الجالهين، فقال سيدنا عمر -رضي الله عنه: صدقت، وذهب عنه الغضب، فالتذكُّر الدائم لمعاني الأخلاق وتذكُّر الأساس الذي قامت عليه وهو الإيمان بالله تعالى، وإن الالتزام بمقتضى الأخلاق من ثمرات الإيمان ومن معاني الإسلام، كل هذا يجعل سلوك المسلم في حدود الأخلاق الإسلامية.
٤- الاهتمام الكامل بتقوية معاني العقيدة الإسلامية في النفس، وعلى رأس هذه المعاني الإيمان بالله وباليوم الآخر وبرسالة محمد -صلى الله عليه وسلم، والإحساس بالغربة في هذه