هذا الحديث موضوعه العود في الهبة والصدقة، وهو داخل في المعطوف على الرهن في الترجمة.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"عن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال: "حملت على فرس في سبيل الله" يعني حملت مجاهداً على فرس في سبيل الله؛ لأنه تصدق بفرس على من يجاهد عليه في سبيل الله، وهذا الحمل مع نية التمليك على هذه الجهة، يُملك هذا الشخص الذي يستعمله في هذا العمل، في سبيل الله، يعني في الجهاد، ونظير ذلك لو أن شخصاً أعطى طالب علم كتاب، نعم أعطاه كتاب، ما قال له شيء، قال: خذ هذا الكتاب، ما معنى هذا؟ أنه ليستفيد منه، ليس معنى هذا أنه ليبيعه، إنما هو تمليك لهذا الكتاب على أن يستفيد منه فيما هو بصدده، فيما يمكن الانتفاع به وهو طلب العلم، وهنا الفرس تصدق به على هذا الرجل، نعم، ليتم حمله عليه في هذا المجال، وهو في سبيل الله وهو الجهاد فهو تمليك من جهة؛ لأنه لما أراد بيعه ما أنكر عليه، نعم وليس بتحبيس ولا وقف؛ لأنه لو كان تحبيس وإلا وقف لأنكر عليه لما أراد بيعه، لكن لما أراد بيعه وأراد شراءه منه دل على أنه تمليك، لكن تمليك مقرون بالانتفاع منه في هذه الجهة، ولعله استغنى عنه، وجد فرس أفضل منه للجهاد، وصاحبنا الذي تُصدق عليه بالكتاب لينتفع منه وجد طبعة أحسن منها، يعني أعطيته كتاب غير محقق، ثم بعد ذلك خرج الكتاب محققاً، يملك النسختين وإلا يتصرف في الأولى؟ هو تمليك وليس بوقف، لكن تمليك مقرون بالانتفاع في إمكان الانتفاع، لكن إذا تصور أنه يوجد أفضل منه لا مانع من بيعه؛ لأنه ليس بوقف، أظن التنظير مطابق.
"حملت على فرس في سبيل الله فأضاعه الذي كان عنده" أضاعه الذي كان عنده يعني لم يقم عليه بالرعاية والإطعام على الوجه المناسب له، فأضاعه، ولعله وصل إلى حد بحيث لا يمكن الاستفادة منه في الجهاد، ولذا قرر بيعه، نعم.