كان هو وأبوه عند جابر بن عبد الله وعنده قوم فسألوه عن الغسل؟ فقال: يكفيك صاع، النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يتوضأ بالمد، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد، والصاع أربعة أمداد، فكان ديدنه -عليه الصلاة والسلام- الاغتسال بالصاع، وقد يزيد في بعض الأحيان، إلى خمسة أمداد، وفي هذا عدم الإسراف في الماء، على المسلم أن يقتصد في جميع أموره، والإسراف حرام، لكن الزيادة اليسيرة المحتملة معفو عنها، أما الأصل في الإسراف أنه محرم، ويتفاوت باعتبار المادة التي يسرف منها، فالمواد التي يكون الناس بحاجة إليها حاجة شديدة، ويتسبب في إسرافه على تضييع هذا المال على الناس الذي يحتاجون إليه أمره أشد، معلوم أن الماء لا سيما في هذه الأوقات التي شحت فيها الموارد أمره خطير، وعموم البشرية مهددون بالنسبة للماء فعلى الجميع أن يحتاطوا لهذا الأمر، ويرشدوا استهلاكهم من الماء، والشرع لا يأتي إلا بخير، ولا خير إلا دل الأمة عليه -عليه الصلاة والسلام-، ولو كان في الإسراف خير ما اقتصد في مثل هذه الأمور؛ لأن الماء في عرف كثير من الناس أمره يسير، لا سيما وأن قيمته زهيدة، لكن يتصور الإنسان أنه في يوم من الأيام يطلب الماء من بعيد بنفسه، يحضر الماء لنفسه، كون الأسباب تيسرت والجهود بذلت لتيسير هذا العنصر النفيس الذي جعل منه أو علق به حياة كل شيء، نعم هو أرخص موجود تساهل الناس في حمله، لكنه أعز مفقود، تصوروا إلى وقت قريب وكان الناس يحضرون الماء كل بوسيلته وطريقته، بالأواني يحضرونه من بعيد، وينقلونه على رؤوسهم، يعني لو كان الأمر كذلك ما حصل مثل هذا الإسراف، لكن كون الشيء ميسر مبذول سهل قريب بثمن رخيص، يجعل الناس يتساهلون مثل هذا التساهل، وإلا فالماء أمره خطير، علق به حياة كل شيء {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ} [(٣٠) سورة الأنبياء] فأمره خطير، والدراسات تدل على نضوب الماء، والمياه الجوفية وغيرها، والله المستعان.