((من استطاع منكم الباءة فليتزوج)) اللام هنا لام الأمر، والأصل في الأمر الوجوب، وقال به أهل الظاهر، أما جمهور أهل العلم فعندهم النكاح تعتريه الأحكام الخمسة، من دعته الحاجة إلى ذلك، وخشي على نفسه العنت، واستطاع مؤن النكاح هذا يجب عليه أن يتزوج، من تاق إليه لكنه لم يستطع مؤن النكاح مثل هذا يسعى جاهداً في تحقيق الأمر، لكن إذا لم يستطع لا يكلف الله نفساً إلا وسعها {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ} [(٣٣) سورة النور] هذا السنة، يقولون: الشخص الذي لا داعي ولا رغبة له في النكاح مثل هذا يباح في حقه، يعني مع القدرة على المعاشرة، مع أن إذا كان يستطيع أن يعاشر النساء ولو لم تكن لديه رغبة لا شك أنه يتجه إليه الأمر، وأقل ما في الأمر الاستحباب، أما من يريد أن يتزوج للضرر مثلاً، يتضرر به النساء، أو يريد مضارة النساء هذا يحرم في حقه؛ لأن بعض الناس لئام، يتزوج فلانة، يدفع لها مبلغ، ثم يؤذيها، ويضيق عليها لتخالع، وتدفع له أكثر مما أعطاه، بهذه النية من يتزوج، ووجد من اللئام من يتزوج بهذه النية، هذا يحرم النكاح في حقه، يكره في حق من يغلب على ظنه أنه لا يستطيع معاشرة النساء، والحاجة ليست داعية، يكره في حقه، ولا شك أن الهدف الشرعي من النكاح المودة والرحمة والسكن، وكون المرأة لباس وهو لباس لها، والامتزاج والاختلاط الذي يحصل به السكن النفسي، والطمأنينة ويحصل من آثاره الولد، لكن شخص توفيت زوجته ولا قدرة له على معاشرة النساء، يريد أن يتزوج زوجة مؤنسة بس لا أكثر ولا أقل، فإذا أخبرها بأنه لا حاجة له بالنساء ولا قدرة له على النساء وقبلت نكاح، ولا شك أن فيه من التعاون على طاعة الله -جل وعلا- كما يقول بعضهم، هذا موجود، لكن لا يحقق الهدف الكامل من النكاح، يحقق جزء الهدف، وهو أفضل من كون الإنسان يبقى أعزب، مثل هذا أفضل؛ لأنه يحصل فيه من المصالح .. ؛ لأن مصالح النكاح كثيرة جداً، أقل الأحوال أن كل واحد ينشط الثاني في طاعة الله -عز وجل-، هذا مطلب، فإذا وجد من تقبله بهذا الشرط ...