من العلماء من يفرق بين النذر الذي يعلق على أمر مطلوب للإنسان، يعني إن نجحت صمت، إن شفى الله مريضي صليت، إن قدم غائبي تصدقت، يقول: هذا هو الذي جاء النهي عنه، وهو الذي إنما يستخرج به من البخيل، هذا الشخص الذي لا يصلي إلا إذا حصل له مطلوبه، هذه معاوضة، هذا بخيل ذا، لكن شخص ابتداء ومن باب أن يلزم نفسه بشيء من العبادات، نفسه بغير هذا الإلزام قد لا تطاوعه، نذر أن يطيع الله، نذر أن يصوم شهر من غير معاوضة؛ لأن المعاوضة قد يكون في ذهن الإنسان أن فيها مرادة للقدر، وأنها أثرت في القدر، إن شفى الله مريضي صمت، فكأنه يرى أن الله إنما شفاه من أجل أن يصوم، لهذه المعاوضة، فهذا هو الذي جاء النهي عنه، وهو الذي يستخرج به من البخيل، لكن شخص ما هو بخيل يتصدق، وخشي على نفسه من الفتور، يعني نفترض موظف راتبه خمسة آلاف يتصدق كل شهر بألف، وهذا ديدنه وعادته، هذا بخيل وإلا غير بخيل؟ هذا ليس ببخيل، ثم أراد أن يلتزم بهذا، ويلزم لله عليه أن يتصدق من كل شهر بألف، هذا الأصل ليس ببخيل، وهذا ليست فيه معاوضة أيضاً، فلا يتجه إليه النذر وهو المحمود، وهو المأمور بوفائه، الذي جاء مدح الذين يوفون به، ولا يدخل في الحديث الذي فيه حديث عبد الله بن عمر أنه نهى عن النذر، وأما ما فيه معاوضة فهو المنهي عنه، بعضهم يريد أن يلزم نفسه بما ألزم به، ينذر مثلاً أنه إن أغتاب شخصاً صام شهراً، هذا النذر يعينه على ترك المحرم وإلا ما يعينه؟ يعينه، إن فعل كذا من المحرمات، أو إن هو تائب مثلاً من معصية إن عاد إليها كان يشرب الدخان منّ الله عليه بالتوبة النصوح وتركه وقال: لله عليه إن عاد إلى الدخان أن يصوم، مثل هذا يعينه على ترك المحظور، وقد يفعله للاستعانة به على فعل المأمور، وأثر عن بعض السلف أنه نذر أنه إن اغتاب شخصاً تصدق بدرهم، يقول: سهلت علي الغيبة، الدرهم حاضر، فنذر نذراً آخر أنه إن أغتاب شخصاً صام يوماً، والصيام شاق، لا سيما ممن هذه حاله، من يغتاب الناس، ترى تشق عليه العبادات، الذي يرسل لسانه على الآخرين تكون العبادات من أشق الأمور عليه، وهذا مجرب، فيقول: لما نذر أنه كلما اغتاب شخصاً يصوم يوماً استعان بالصيام على ترك الغيبة،