"وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اصطنع خاتماً من ذهب" اتخاذ الخاتم من قبله -عليه الصلاة والسلام- إنما كان للحاجة، إنما اتخذه -عليه الصلاة والسلام- لما قيل له: إن فارس لا يقرءون إلا ما كان مختوماً، فاتخذ الخاتم، وعلى هذا يقول جمع من أهل العلم: إنه لا يستحب اتخاذ الخاتم إلا لمن يحتاجه لختم مكاتباته وخطاباته، الأمير يحتاجه، القاضي يحتاجه، المسئول يحتاجه، صاحب المؤسسة يحتاجه؛ لتوثيق ما يكتبه، فلا يستحب إلا لمن يحتاجه؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما أتخذه إلا لما قيل له: إن فارس والروم لا يقرءون إلا ما كان مختوماً، ومنهم من يقول: هذا من أفعاله -عليه الصلاة والسلام- التي يؤجر المسلم على اقتدائه بها، بدليل أنه لما أتخذ الخاتم للحاجة اتخذه الصحابة اقتداء به، اتخذوه، وكثير منهم لا يحتاجه، فاصطنع خاتماً من ذهب، فكان يجعل فصه في باطن كفه إذا لبسه، إذا لبسه جعل الفص؛ لأنه مكتوب فيه محمد رسول الله، وكونه خارج الكف يعرضه للامتهان، بينما لو كان داخل الكف والكف أكثر ما تكون مقفلة لا .. يقيه شيء من ذلك.
"فكان يجعل فصه في باطن كفه إذا لبسه، فصنع الناس مثل ذلك" اقتدوا به -عليه الصلاة والسلام-، وهذا يدل على أنه يستحب اتخاذ الخاتم ولو لم يحتاجه الإنسان "فصنع الناس" مثل ذلك "ثم إنه جلس" على المنبر "فنزعه" خلعه، ورمى به "فنزعه وقال: ((إني كنت ألبس هذا الخاتم، وأجعل فصه من داخل)) فرمى به، ثم قال:((والله لا ألبسه أبداً)) " لأن الذهب حرام على الذكور، والآمر والناهي لا يمتثل أمره ونهيه المجرد عن الفعل، فعلى من أراد أن يأمر أو ينهى يكون قدوة بالفعل قبل القول، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أمرهم بالحلق في الحديبية ترددوا، ما حلقوا لأول الأمر، لكن لما حلق كاد الناس أن يقتتلوا، وفي حجة الوداع في الخطبة المشهورة لما وضع النبي -عليه الصلاة والسلام- دماء الجاهلية، وربا الجاهلية، وقال:((أول من أضع دم ابن عمي)) من هو؟