فإن التصانيف في هذا العلم الشريف المبارك علم السنة النبوية قد كثرت وتنوعت، واختلفت أهداف ومقاصد مؤلفيها -رحم الله الجميع رحمة واسعة-، فهناك الجوامع التي تجمع جميع أبواب الدين الأصلية التي تروى فيها الأحاديث بأسانيد مصنفيها إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومنها المصنفات التي تجمع بين الأخبار المرفوعة والموقوفات والآثار، ومنها السنن التي تقتصر غالباً على أحاديث الأحكام، لكنها بأسانيد مؤلفيها كالسنن الأربع وغيرها، وهناك الموطئات، وهي قريبة جداً من السنن، وفيها آثار، ومنها أيضاً المعاجم، وهي أيضاً نوع من أنواع الكتب الأصلية التي تروى بالأسانيد والمشيخات والفهارس وغيرها من كتب السنة التي عني بها أئمة قديماً، ثم لما قصرت الهمم، ورأى أهل العلم أن درك هذا العلم الذي لا ساحل له قد يُشق على كثير من المتعلمين أخذه من الكتب الأصلية بالأسانيد فصنفوا المختصرات، وجردوها من الأسانيد، فكان مما ألفه أهل العلم كتب أحاديث الأحكام، المختصرات المجردة عن الأسانيد، ومن أنفعها وأنفسها لطالب العلم هذا الكتاب الذي انتقاه مؤلفه من أحاديث الصحيحين، هذا الكتاب كتب الله له القبول والرواج بين طلاب العلم منذ تأليفه إلى يومنا هذا، فقل أن تجد ترجمة من رجال أهل القرون من القرن الثامن أو السابع فما دون إلا وتجد في ترجمته أنه حفظ العمدة، والمراد بها عمدة الأحكام هذه، إضافة إلى حفظه للقرآن والمتون المعتمدة المطروقة عند أهل العلم، فهذا من أنفع الكتب وأنفسها مما كُتب وإن كان هناك ما هو أجمع منه كالمحرر والبلوغ، وأجمع منهما المنتقى للمجد ابن تيمية، المقصود أن الكتب كثيرة، وهذا من أنفسها وأهمها، ومؤلفه الإمام أبو محمد الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور المقدسي، المولود سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، المتوفى سنة ستمائة.