((ارجع فصل، فإنك لم تصل)) فرجع فصلى كما صلى، ما يعرف غير هذا، ثم جاء فسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفيه مشروعية تكرار السلام، ولو مع قرب الفاصل "فسلم على النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال:((ارجع فصل، فإنك لم تصل)) ثلاثاً، فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غيره، فعلمني" يقول: لا أحسن غير هذه الصلاة، ما في شيء، لو كنت أحسن ما ترددت ثلاثاً "والذي بعثك بالحق" يقسم بالله -جل وعلا- الذي بعث نبيه -عليه الصلاة والسلام- بالحق أنه لا يحسن غيره "فعلمني" الرسول -عليه الصلاة والسلام- حينما فعل هذا المسيء الصلاة التي لا تجزئ ولا تسقط الطلب، فنفاها عنه -عليه الصلاة والسلام- ما عنفه، لم يعنفه، وهذا من حسن خلقه -عليه الصلاة والسلام-، وكونه ردده ثلاثاً؛ لينتبه لما يلقى إليه؛ لأن الشيء الذي يأتي بسهولة ينسى بسهولة، لكن ما دام ردده ثلاثاً لا شك أنه سوف يضبط ما يلقى إليه، وفي هذا جواز تأخير البيان عن أول الأمر يعني إلى وقت الحاجة، يجوز تأخير البيان للمصلحة، فلو علمه الصلاة من أول مرة يمكن ينسى، لكن لما ردده ثبت العلم في ذهنه، وهكذا ينبغي لطالب العلم أن يتعب في تحصيل العلم، ويتعب في تصور المسائل وفي تصويرها، وبعضهم يعمد إلى كتاب صعب معقد، فيقرأ هذا الكتاب، ويفهم هذا الكتاب، ويراجع هذا الكتاب، ويسأل عما يشكل في هذا الكتاب؛ لأنه إذا عرف الكتاب الصعب كانت معرفته بالكتب السهلة لا تحتاج إلى معاناة، بحيث لو احتاج أي مسألة في كتاب من الكتب دون هذا الكتاب الذي قرأه لا شك أنه لن يشكل عليه شيء، وأنا أقول: هذا الكتاب الذي في أيدي بعضكم -شرح ابن دقيق العيد على العمدة- الطالب الذي يفهمه على وجهه لا يحتاج أن يسأل على مسائل في أي شرح من الشروح، هل إحالة طلاب العلم على مثل هذا الشرح لتعذيبهم؟ لا، وإنما للعناية بهم، كررنا مراراً أن عناية أهل العلم بزاد المستقنع مع أن عبارته مستغلقة ليست عبث، عنايتهم بالمنتهى مع أن عبارته صعبة ليست عبث، عناية المالكية بمختصر خليل ليست عبث، إنما إذا فهم الكتاب -هذا الكتاب المستغلق الشديد إذا فهم- فما دونه من باب أولى، وبعض الناس يقول: لا، يكفي، الكتب المختصرة الآن،