على كل حال كل إنسان يونس من نفسه، ويحس أنه في بعض المواضع يغير بيده، وبعض المواضع لا يستطيع أن يغير بيده يأتي إلى المرتبة الثانية وهي اللسان، ثم بعد ذلكم المرتبة الثالثة إذا لم يستطع أن ينطق بكلمة الحق والتغيير يغير بقلبه، والله المستعان.
هذا الإمام العظيم ألف كتب نافعة منها هذا الكتاب المبارك، ومنها:(الكمال في أسماء الرجال) رجال الكتب الستة، كتاب عظيم مبارك، تهذيب الكمال الذي يدور الناس في فلكه حسنة من حسنات هذا الكتاب، تهذيب الكمال للحافظ الحجاج المزي فرع عن هذا الكتاب الذي هو الكمال لرجال الكتب الستة، وكم عني أهل العلم بتهذيب الكمال! فهذبه ابن حجر، وقربه أيضاً في تهذيب التهذيب وتقريب التهذيب، وذهبه الحافظ الذهبي في التذهيب، واختصره في الكاشف، وهناك الخلاصة كلها تدور في فلك هذا الكتاب، فهو كتاب مبارك، أدى فيه هذا الإمام العظيم واجباً كبيراً بالنسبة لطلاب الحديث ورواده، توفي -رحمه الله- بعد عمر حافل بالعلم والعمل سنة ستمائة، على رأس الستمائة -رحمه الله رحمة واسعة، نعم.
كتاب الطهارة
عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((إنما الأعمال بالنيات)) وفي رواية: ((بالنية، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه)).
يقول المصنف -رحمه الله تعالى-:
"كتاب الطهارة" كتاب مصدر كتب يكتب كتاباً، وكتابةً وكتْباً، وهو من المصادر السيالة كما يقول أهل العلم التي تحدث شيئاً فشيئاً، يعني ما يحدث دفعة، يعني ما يمكن كتاب يأتي دفعة مرة واحدة، إنما يحدث شيئاً فشيئاً، تجتمع الكلمات والحروف ثم بعد ذلك الصفحات ثم يأتي الكتاب، وأصل المادة التي هي الكتْب والكتابة الجمع، كما يقال: تكتب بنو فلان إذا اجتمعوا، وجماعة الخيل يقال لها: كتيبة، يقول الحريري في مقاماته:
وكاتبين وما خطت أناملهم ... حرفاً ولا قرؤوا ما خُط في الكتبِ
ويقصد بذلك الخرازين الذين يجمعون صفائح الجلود ثم يخيطون بعضها إلى بعض بالخرازة، فهم يجمعون، فالأصل في المادة الجمع.