والعيد لا شك أنه يوم فرح وأنس، وفيه فسحة في التخفف من شيء من التكاليف الواجبة .. لا أقول: الواجبة بل المستحبات، أما الواجبات لا بد من أدائها، وليس معنى هذا أنه يزاول فيه المحرمات؛ لأن من زاول المحرمات في هذين اليومين فقد استعملهما على خلاف ما شرعا من أجله، شرعا لشكر الله -جل وعلا-، وإظهار الفرح والأنس الذي تعقب هذه العبادات، أما من زاول المحرمات في هذين العيدين فليس هذا دليل على قبول هذه الأعمال، وليس هذا أيضاً من باب مقابلة النعم بالشكر، كثير من الناس يتوسع في مثل هذا، يترك واجبات، يرتكب محرمات، لكن هذا لا يجوز، نعم في الدين فسحة ولله الحمد، في مزاولة بعض المباحات، وبعض الأمور التي ينكف عنها المسلم في سائر أيامه.
المقصود أن مثل هذا في ديننا فسحة له، من الشيء اليسير، من العبث اليسير، واللهو اليسير، كل هذا في الدين فسحة، أما ارتكاب المحرمات فلا.
"عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر يصلون العيدين قبل الخطبة" هذا ديدن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبو بكر وعمر يقدمون الصلاة على الخطبة، ثم بعد ذلك في عصر بني أمية قدمت الخطبة على الصلاة، لماذا؟ يقول أهل العلم: إنهم أحدثوا في الخطب ما يتورع عن سماعه بعض الناس، فإذا صلوا خرجوا، فأراد الولاة أن يلزموهم بالحضور، حضور الخطبة؛ لأنهم لن يخرجوا والصلاة باقية، وعلى كل حال هذه بدعة ممن جاء بها، ولو كان متأولاً، داخلة في حيز البدعة؛ لأنها خلاف ما جاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإن كان متأولاً؛ لأنهم أحياناً يقولون: كون الخطبة قبل الصلاة أو بعدها لا يؤثر، كما أن الجمعة خطبتها قبل الصلاة، نعم فلتكن العيد مثلها، على أن العبادات توقيفية لا تقبل الاجتهاد ولا القياس، فعلى المسلم أن يلتزم بما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
وصلاة العيد يختلف أهل العلم في حكمها، فمنهم من يقول: بسنيتها كالمالكية والشافعية، وعند الحنابلة هي فرض كفاية، ويرى الحنفية أنها واجبة على الأعيان، ما معنى واجبة على الأعيان؟ يعني علية القوم؟ نعم؟