نعم وجوب عيني لا وجوب كفائي، وجوباً عينيناً لا وجوباً كفائياً، بمعنى أنها لا تسقط عن أحد إلا المعذور الذي لا يستطيع الحضور إليها، فهي واجبة في حقه، الذين قالوا بسنيتها كالمالكية والشافعية استدلوا بحديث:((خمس صلوات كتبهن الله على العباد)) وحديث أيضاً ضمام بن ثعلبة لما جاء إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- عارضاً عليه ما سمع، ومما سمعه أن الله -جل وعلا- أوجب على عباده خمس صلوات، ثم بعد ذلك قال .. ، أقسم أنه لا يزيد على ذلك ولا ينقص، والنبي -عليه الصلاة والسلام- أثبت له الفلاح، فدل على أنه لا يجب غير الخمس، والذين يقولون بأنها فرض كفاية كالحنابلة يقولون: شعار لا بد من القيام به، فعله النبي -عليه الصلاة والسلام-، وواظب عليه، وفعله خلفاؤه من بعده، فلا يجوز تعطيله، شعار من شعائر الدين، وعلامة على هذا اليوم العظيم، فلا بد من أن يقوم به من يحصل به الغرض، فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وصار سنة.
أما الحنفية فاستدلوا بأدلة، منها: قوله -جل وعلا-: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [(٢) سورة الكوثر] قالوا: المراد بالصلاة هذه صلاة العيد، ومنها حديث أم عطية الآتي:"أمرنا بإخراج العواتق والحُيض وذوات الخدور" والأمر أصله للوجوب، وشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يميل إلى قول الحنفية أنها واجبة على كل مستطيع، وأنه لا يعذر فيها أحد، وكأنه من حيث النظر أقوى، الأقوى دليلاً.
نعم.
الحديث الثاني:
عن البراء بن عازب -رضي الله تعالى عنه- قال: خطب النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الأضحى بعد الصلاة، فقال:((من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له)) فقال أبو بردة بن نيار خال البراء بن عازب: يا رسول الله إني نسكت شاتي قبل الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب، وأحببت أن تكون شاتي أول ما يذبح في بيتي، فذبحت شاتي وتغديت قبل أن آتي الصلاة، قال:((شاتك شاة لحم)) فقال: يا رسول الله فإن عندنا عناقاً وهي أحب إلينا من شاتين، أفتجزئ عني؟ قال:((نعم، ولن تجزئ عن أحد بعدك)).