للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"فقامت امرأة من سطة النساء" يعني من وسطهن في المجلس، أو من وسطهن في العمر، أو في النسب، أو ما أشبه ذلك، المقصود أنها من سطتهن، أي من أوسطهن، بعضهم يقول: إنها من خيارهن؛ لأن الوسط الخيار العدول، لكن المرجح عند كثير من الشراح أنها قامت من وسطهن، من المكان الواقع في وسطهن. "من سطة النساء، سفعاء الخدين، فقالت: لم يا رسول الله؟ " سفعاء الخدين هذه المرأة من سطة النساء، من بين النساء قامت "فقالت: لم يا رسول الله؟ " تسأل عن السبب، كيف عُرف أنها سفعاء الخدين؟ والسفعاء التي في خديها لون يخالف لون بشرتها، لون يخالف لون البشرة الأصلي، كيف عُرف هذا الوصف منها؟ الأجوبة كثيرة؛ لأن هذا النص محتمل، فلا بد من رده إلى النصوص المحكمة، النص المحكم: "كان يعرفني قبل الحجاب، فخمرت وجهي بخماري" {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ} [(٥٩) سورة الأحزاب] المقصود أن الحجاب أمر مفروض محكم، فيرد إليه مثل هذا اللفظ المتشابه، فيحمل على أنها إما قبل الحجاب، أو يقال: إنها من القواعد، لا يمنع أن تكون القواعد التي ليس عليهن حجاب، المقصود أن الإجابة عن هذا سهل.

"سفعاء الخدين، فقالت: لم يا رسول الله؟ " فبين السبب "قال: ((لأنكن تكثرن الشكاية، وتكفرن العشير)) " ما جلس في الغالب امرأتان إلا وتشكي إحداهما على الأخرى، حصل كذا، ويحصل كذا، يكثرن الشكاية، وقل من النساء من تستغل الوقت لما ينفعها في أمر دينها ودنياها، كثير الشكاية عند النساء، وإن وجد هذا في الرجال، لكنه في النساء أكثر.

((وتكفرن العشير)) العشير الزوج، تكفرن نعمته عليكن، إذا رأت إحداهن ولو مرة واحدة خللاً في معاملة، أو في نفقة نفت كل ما تقدم، كل ما تقدم ينسف، ما رأيت خيراً قط.

" ((وتكفرن العشير)) قال: فجعلن يتصدقن" خفن؛ لأنه ذكر أشياء موجودة، تقتضي أن يكن أكثر حطب جهنم، وما دام هذا موجود لا بد من تكفيره، يحتاج إلى كفارة، والكفارة تكون بقوله: ((تصدقن)) بالصدقة "فجعلن يتصدقن " استجبن، وفي هذا مسارعة النساء في الصدر الأول كالرجال إلى ما تكفر به الذنوب والخطايا، مسارعة إلى بذل الخير، وفعل الخير.