للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"عن أم عطية نسيبة" بضم النون وفتحها، وهي بنت كعب الأنصارية "-رضي الله تعالى عنها- قالت: أمرنا" تعني النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي بعض ألفاظ الحديث: "أمرنا" واللفظ الذي معنا مرفوع قطعاً لذكر الآمر، وفي قولها: أمرنا في بعض الروايات، الأمر لا يتجه إلا لمن له الأمر والنهي في أحكام الشرع، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، فهو مرفوع عند الجمهور، وإن قال أبو بكر الإسماعيلي: إنه موقوف حتى يصرح بالآمر، لاحتمال أن يكون الآمر غير النبي -عليه الصلاة والسلام-، اللفظ الذي معنا أمرنا بالبناء للمفعول، وذكر الآمر وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، مساوٍ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: أخرجوا في العيدين، مساوٍ لصريح الأمر، وإن قال داود الظاهري وبعض المتكلمين: إنه لا يدل على حقيقة الأمر حتى ينقل اللفظ النبوي، لماذا؟ قالوا: لأن الصحابي قد يسمع كلام يظنه أمر أو نهي، وهو في الحقيقة ليس بأمر ولا نهي، لكن هذا القول مردود، لماذا؟ لأن الصحابة إذا لم يعرفوا مدلولات الألفاظ الشرعية من يعرفها؟ وإذا تطرق مثل هذا الاحتمال ما قامت للنصوص قائمة، كل لفظ وفيه احتمال.

"أمرنا" تعني النبي -صلى الله عليه وسلم- "أن نخرج في العيدين العواتق" العواتق جمع عاتق، وهي التي عتقت عن الخدمة ببلوغها، أو بمقاربتها البلوغ.

"وذوات الخدور" هي التي لا تبرز، بل تلازم خدرها من الحرائر المكنونات "وأمر الحيض" وفي رواية: وذوات الحيض، أو الحيض داخلات في الأمر، أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور والحيض، فالكل مأمور بالخروج لصلاة العيد، ومع ذلك أمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين، فالمرأة الحائض لا تدخل المصلى، علماً بأن مصلى العيد أحكامه أخف من أحكام المسجد، فإذا أمرت باعتزال المصلى فلئن تؤمر باعتزال المسجد من باب أولى، ومنهم من يقول: إن المراد بمصلى المسلمين المكان الذي تؤدى فيه الصلاة، فتؤمر بالابتعاد عنه؛ لئلا تضيق على المصلين، أو لئلا يوجد من بين المصلين من لا يصلي فيساء الظن به، كما أن من صلى في رحله إذا دخل المسجد يصلي مع المسلمين؛ لئلا يساء به الظن.