{طَهِّرَا بَيْتِيَ} لا بد من تطهير البيت، هذا أمر والأمر يقتضي الوجوب، لا بد من تطهير البيت من النجاسات كلها الحسية والمعنوية، فالتطهير من النجاسات الحسية أمره سهل وهو قائم ولله الحمد على وجه يقرب من الكمال، لكن على القائمين عليه أن يطهروه من النجاسات المعنوية، من الإلحاد فيه من الشرك والبدع، المعاصي، التبرج السفور مخالفات؛ فإذا كانت إرادة الإلحاد في الحرم رتب عليه الوعيد الشديد {نُذِقْهُ}، {وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ} [(٢٥) سورة الحج] ولا يتصور أن الإلحاد هو الكفر، الإلحاد: الميل، والآية تدل على أنه ولو كان يسيراً؛ لأنه نكرة في سياق الشرط، فيعم جميع وجوه الإلحاد صغيرها وكبيرها، وهذا مجرد إرادة فكيف بالفعل؟
وهذه الآية جاءت متعقبة للآية التي تدل على أن الناس سواء في البيت يستوي فيه العاكف والباد، الأعرابي الذي يرد إلى هذا المسجد ويصلي فيه فرض ويرجع، والمقيم فيه، كلاهما سواء {سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ} [(٢٥) سورة الحج] أدنى إلحاد، فالناس يستوون في هذا المكان، ولهذا ينبغي تنبيه من يضايق الناس في هذا المكان، كم حصل من مشاكل لا سيما في المواسم بسبب حجز الأماكن، يضع شيء يحجز المكان فإذا جاء حصل الشقاق والنزاع والخلاف، هذا إلحاد؛ لأنه مخالف لما قرر في الآية السابقة، بعض الناس يستأجر من يحجز له مكان، والغالب أن هؤلاء الأجراء ليسوا على مستوى أيضاً من حسن التعامل مع الناس، كم سمعنا من أصوات ترتفع في هذا المكان الطيب الطاهر الذي أمرنا بتطهيره للطائفين والقائمين والركع السجود والعاكفين، محل عبادة هذا، ينبغي أن يهيئ فيه الجو للعبادة، والله المستعان.