((فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما)) كم من شخص يبيع بالأموال الطائلة في اليوم الواحد، ومع ذلكم لا يستفيد من هذه الأموال، وإن كثرت عنده الأموال؛ لأنه ليس العبرة بكثرة العرض، وليس الغنى هو مجرد كثرة العرض، كما جاء في الحديث الصحيح:((الغنى غنى النفس)) فإذا تصورنا أن شخصاً دخله في اليوم الواحد عشرة آلاف عشرين ألف وهذا موجود، وآخر دخله مائة مائتين تجد أحياناً صاحب المائة والمائتين مستفيد من هذا المبلغ فائدة على الوجه المطلوب وكما ينبغي، بينما ذاك تذهب سدى، وينفقها في غير وجهها غالباً، والسبب الصدق والحرص على براءة الذمة وعدمه.
كم من شخص له من الأموال والأرصدة ما يستفيد منه البنوك، وقد حرم منه صاحبه، كم من شخص له الملايين في البنوك، هذا وإن كان المبلغ موجود لكنه محروم من بركته لا يستفيد منه، إن أراد أن يأكل فهو محجوب، إن أراد أن يتزوج ما يستطيع، إن أراد أن ينفق يده مقبوضة، نسأل الله السلامة والعافية، وقل مثل هذا في بركة البدن، كم من شخص تضيع عليه الأوقات سدى لا يستفيد من نفسه، ولا يستفيد منه غيره، ومن الناس ولا يقال الآن: الأوقات ما فيها بركة، لا، هذا يختلف من شخص إلى شخص، يعني يعرف من الشباب من يقرأ القرآن في سبع، ويحضر ثلاثة دروس في اليوم، ويؤدي عمله اليومي على الوجه المطلوب، ويزور المقابر كل أسبوع، ويزور المستشفيات والمرضى كل أسبوع، ويصل رحمه، ويأنس بأحبابه وأترابه، وكل هذا موجود، وما ضاع ولم يضع عليه من أمور دنياه شيء، ما فاته شيء من أمور الدنيا، وبعض الناس لهث وراء هذه الدنيا وقد ضيع نفسه وأهله ولم يدرك من الدنيا إلا ما كتب له، وإن أدرك منها شيء لم ينتفع به، والله المتسعان.
المقصود أن الصدق له أثر مشاهد وواضح في نماء الأموال وبركتها والإفادة منها، والكذب على الضد من ذلك.