وجاء ما هو أعم من ذلك نهى أن تباع السلع، نهى أن تباع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، منهم من قال: السلع مطلقة والطعام مقيد، والقبض والحيازة خاص بالطعام، إلا أن ابن عباس يرى أن هذا يعمل به وذاك يعمل به، وحينئذ يكون من باب العموم والخصوص، السلع لفظ عام، والطعام لفظ خاص، والتنصيص على بعض أفراد العام بحكم موافق لحكم العام لا يقتضي التخصيص، وعلى هذا لا بد من القبض في السلع كلها، ولذا يقول ابن عباس: وما أرى بقية السلع إلا كذلك، يعني مثل الطعام، لا بد أن تقبض، لا بد أن تستوفى، واستيفاء كل شيء بحسبه، نهى أن تبتاع السلع، أن تباع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، والسلع وإن كان عاماً إلا أنه يراد به الخصوص، هل هو مخصوص بالطعام؟ يخص بالطعام وإلا لا؟ يعني عندنا السلع لفظ عام الطعام خاص، يخص الخاص العام بهذا الخاص الطعام، أو نقول: الحكم حكم العام والخاص فلا يقتضي التخصيص، ولذا قال ابن عباس: ولا أرى بقية السلع إلا كذلك، في مثل هذه الصورة لا يقتضي التخصيص، لكنه مع ذلكم هو عام أريد به الخصوص حتى يحوزها التجار إلى رحالهم، اشتريت أرض كيف تحوزها إلى رحلك؟ يمكن، يمكن تحوز الأرض إلى رحلك؟ ما يمكن، اشتريت ألوف الأطنان من البضائع الثقيلة الكبيرة كيف تحوزها إلى رحلك، ما لا يمكن حيازته إلى الرحل يقبض بالتخلية، يخلى بينك وبينه، وحينئذ يقول جمع من أهل العلم أو جمهور أهل العلم: إن قبض كل شيء بحسبه، قبض كل شيء بحسبه، على كل حال لا يجوز لك أن تتصرف في السلع حتى تقبضها، إن كانت طعاماً فلا بد من حيازتها، وإن كانت غير طعام فالأمر فيها أخف لوجود الخلاف، لكن إذا أمكن نقلها فهو الأصل، وإن لم يمكن فبالتخلية.
السلعة طعام والمثال الذي ذكرناه شخص جاء بسيارة على ظهرها مئات الصناديق من التمر، وحرّج عليها بسوق التمر وباعها، كم الصندوق خمسة، عشرة، عشرين، ثلاثين نصيبك، هذا الذي اشترى يريد أن يبيع، هل نقول: يلزمك أن تحوز هذا التمر إلى رحلك، ثم تبيعه متى شئت؟ أو نقول: يكون حكمه حكم السلع الأخرى اقبضه بمثل ما تقبض غيره من السلع؟ أو نقول: هذا طعام لا بد أن تستوفيه، وأن تحوزه إلى رحلك، ثم بعد ذلك تأتي به لتبيعه؟