((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه)) وفي لفظ: ((حتى يقبضه)) هذه الألفاظ تدل على أنه لا يلزم أن ينقله من مكانه، بل يقبضه القبض المعتبر، ويستوفيه بالكيل والوزن على ما تقدم، لكن نهى أن تبتاع السلع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم يقتضي أنه لا بد من نقلها، وحينئذ تخرج هذا التمر من السوق، ثم إذا أردت أن تجلبه يوماً آخر وهذا هو الأحوط، لكن هل الناس يفعلون هذا؟ في أحد يفعل هذا؟ إذا اشترى سيارة على ظهرها مئات الصناديق من التمر، وهو يريد بيعها، لا يريد كنز هذا التمر وأكله وادخاره، لا، يريد البيع،. . . . . . . . . يبيعها، اشترى الصندوق بعشرين يحرج عليها ويقطع الصندوق بثلاثين، وهو بمكانه، لا شك أن الورع أن يحوزه إلى رحله، ثم يجلبه مرة أخرى، وهذا أبعد عن الشبهة.
من زوائد الكبرى عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل)) ولا شك أن هذا أبرك، ((إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل)) يعني إذا بعت فاستعمل المكيال؛ لأنه أبرأ للذمة، وإذا ابتعت، إذا اشتريت فاكتل، والحديث معلق في البخاري بصيغة التمريض، ويذكر عن عثمان، ومقتضى الرمز (خ) أنه في البخاري أصل من الأصول؛ لأن علامة التعليق غير علامة تخريج الأصول، رمز التعليق إيش؟ خاء تاء، (خت)، بهذا نعرف أن البخاري خرجه معلقاً، وهنا قال: خاء، ففي هذا إيهام أن البخاري خرجه في الأصول.
((إذا بعت فكل)) هذا أمر بالكيل، ((وإذا ابتعت فاكتل)) أيضاً أمر بالاكتيال، وأقل الأحوال الاستحباب، أقل الأحوال، وإن كان الأصل الوجوب في الأمر.