عائشة -رضي الله عنها- كان عندها شعير تأكل منه، طالت مدته، طالت مدة هذا الشعير فكالته ففني، يقول:((إذا بعت فكل، وإذا ابتعت فاكتل)) هذا أحوط لا شك وأبرأ للذمة بيعاً وشراءً، نعم، وجمع من أهل العلم يقولون: أبرك أيضاً، يبارك له إذا امتثل هذا الأمر، نعم، عائشة لما كالت الشعير فني، وقبل اكتياله تأكل منه مدة طويلة، وهو شيء يسير، كان مبارك ولما كالته فني ذهبت عنه البركة، ما وجه ذلك؟ ما وجه ذلك؟ السلعة قبل تمام ملكها إنما تملك بالكيل والاستيفاء الدقيق إبراءً للذمة، إبراءً للذمة، فإذا ملكت هذا الشعير مائة صاع ابتعته واكتلته هات الصاع وكله واحداً بعد الآخر حتى تتم المائة، لا شك أن هذا أبرأ للذمة، فإذا اشتريته وتم ملكك عليه ووديته للبيت سواءً كان شعير حنطة تمر حينئذ لا تكله، لئلا تنزع منه البركة، لماذا؟ لأن مسألة الكيل كل يوم تدخل للمستودع زاد نقص، تعدد، ما شاء الله هذا بقي واحد اثنين ثلاثة أربعة ليش نقص هذا؟ ليش زاد هذا؟ في المستودع، مثل هذا يدل على عدم الثقة بالله -عز وجل-، أنت واثق بما عندك من التموين على ما يقول الناس، ليش زاد واحد؟ ليش نقص واحد؟ اتركه فإذا انتهى قالوا: انتهى وهات غيره، لا تكن دقيقاً في مثل هذه الأمور ليبارك لك في ذلك، وبعض الناس إذا دخل البيت أول ما ينحر المستودع، ليش زاد هذا؟ ليش نقص هذا؟ هذا يعاقب بنزع البركة، ومن فوض أمره إلى الله، واعتمد عليه واتكل عليه وترك الأمور كما هي تمشي بالبركة كما يقول الناس: يبارك له فيها، ومتى ما فني، متى ما انتهى يقال: هات، هو من هذه الحيثية الدقة في الحسابات أيضاً دليل على شيء من عدم الثقة بالله -عز وجل-، قد يقول قائل: إن بعض الناس يحسبون بدقة الميزانية، الراتب كذا يخرج منه كذا لكذا وكذا وكذا، وهذا على مستوى الدول أو على مستوى الأفراد الميزانيات، وبعض الناس يأتي بالراتب ويرميه في الصندوق وكل يوم يسحب منه ما يحتاج، ويبارك له فيه، ودليل على أنه واثق بالله، مطمئن بما عنده، لماذا؟ لأن هذه الدنيا ليست مقصد، هي دار ممر ليست دار مقر، لكي تحسب وتتعب نفسك، وتفني عمرك فيما لا ينفع، زاد، نقص، انتهى، فني، ليش؟ الرسول -عليه الصلاة والسلام-