"عن أبي المنهال" اسمه سيار، "قال: "سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم، عن الصرف" عن الصرف: وهو إبدال جنس بجنس، عملة بعملة، ذهب بفضة، هو سأل اثنين من الصحابة، فكل واحد منهما يقول: "هذا خير مني"، البراء يقول: زيد بن أرقم خير مني، وزيد بن أرقم يقول: البراء خير مني، يعني فاسأله، فهو أولى بالسؤال، وفي هذا ما كان عليه السلف من احترام بعضهم بعض من جهة، ومن تدافع الفتوى من جهة أخرى، يحتاطون ويتحرون ويتورعون خشية أن يقولوا على الله ما لا يعلمون، وهذا بخلاف ما نشاهده اليوم من تدافعهم على الفتوى تجد في المجلس الواحد عالم جليل كبير يسأل من قبل مجموعة من الناس، ثم لا تلبث أن يطلع عليك واحد يجيب قبل الشيخ وثاني وثالث، يتسارعون، والله المستعان، وهذا الباب شأنه خطير جداً؛ لأنه هو الكذب على الله، أو من أظهر وجوه وأبرز وجوه الكذب على الله، {وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ} [(١١٦) سورة النحل]، هذه فتوى، والكذب على الله شأنه عظيم، إذا كان الكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن كذباً عليّ ليس ككذب على غيري)) ولذا يرى بعض العلماء –وإن كان قول مهجور لكن يذكر هنا- أن بعض أهل العلم أفتى بكفر من يكذب على الله وعلى رسوله، {وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ} [(٦٠) سورة الزمر]، وجاء في الحديث:((إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من صدور الرجال، لكن يقبضه -كيف؟ - بقبض العلماء، حتى إذا لم يبقَ عالم -أو لم يُبقي عالماً- اتخذ الناس رؤوساً جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا)) نسأل الله العافية والسلامة.