للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وظاهر بيِّنٌ في كتب من صنّف في أصول الفقه بعده - أنهم عنه اقتبسوا علمها، وعلى تأسيسه (١) وضعوها. وفي انتفاع من انتفع بعلمه في وقته، وينتفعون به بعده - دليلٌ واضح على صحة عزمه، وجميل عَقْدِه، وأنّه أراد الله سبحانه بما كان من جهده واجتهاده في تصنيف الكتب، وتقريب ما أَوْدَعَها على من (٢) أراده، بإيجاز لفظه (٣)، والإشارة إلى معانيه التي تهديه إلى أشباه (٤) ما أوْرَدَه، مع عَجَلَةِ موته، وقصر مدته، رحمة الله عليه ورضوانه، فلم يدع لعائب فيما قدّمه مَغْمَزا، ولا لحاسد (٥) فيما رسمه مَرْتَعاً (٦).

وقد أحسن أبو الحسين: مسلم بن الحجَّاج النَّيْسَابُورِي فيما ذَبَّ عن الشافعي، رحمه الله، فيما عيب (٧) به في مسألة ذكرها، وحكى قوله فيها، ثم قال: فقد أعطى الحق مِنْ نفسه، ولم يترك للعائب فيه قولا، ولا لُعيَّا به موضعاً.

وقد أحسن الشاعر في وصف الرجل العَيَّابَةِ للأقوام، حيث يقول:

رُبّ عَيّابٍ لهُ مَنْظرٌ ... مُشْتَمِلُ الثّوبِ عَلَى العيْبِ (٨)

وقال غيره (٩):


(١) في ا: «تأسيسها».
(٢) في ا: «ما أراده».
(٣) في ح وهـ: «ألفاظه».
(٤) في ا: «اشتباه».
(٥) في ا: «لحامد».
(٦) في ا: «مرفعا».
(٧) في ا: «عتب».
(٨) راجع عيون الأخبار ٢/ ١٥، والبيان والتبيين ١/ ٥٨.
(٩) في ح: «وقال آخر».