للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فبإجماع المسلمين، فإن لم يكن إجماع فبالقياس (١).

ولا يكون لأحد أن يقيس حتى يكون عالما بما مضى قبله من السنن (٢) وأقاويل السلف وإجماع الناس واختلافهم ولسان العرب، ولا يكون له أن يقيس حتى يكون صحيح العقل وحتى يفرق بين المشتبه، ولا يعجل بالقول به دون التثبت، ولا يمتنع من الاستماع ممن خالفه؛ لأنه قد يتنبه بالاستماع لترك الغفلة ويزداد به تثبتا (٣) فيما اعتقد من الصَّواب. وعليه في ذلك بلوغ غاية جهده والإنصاف من نفسه؛ حتى يعرف من أين قال ما يقول وترك ما يترك [ولا يكون بما قال، أعنى منه، بما خالفه حتى يعرف فضل ما يصير إليه على ما يترك] (٤) إن شاء الله تعالى.

وذكر فيما (٥) يمتنع القياس عليه أن يكون أحلّ الله لهم شيئا جملة، وحرم منه شيئا بعينه، فيحلون الحلال بالجملة ويحرمون الشيء بعينه، ولا يقيسون على الأول الحرام؛ لأن الأكثر منه حلال، والقياس على الأكثر أولى. وكذلك إن حرم جملة وأحل بعضها، وكذلك إن فرض شيئا وخص النبي، صلى الله عليه وسلم، بالتخفيف في بعضه.

وذكر في سبب ما يحسبه الإنسان مختلفا من الكتاب والسنة وليس بمختلف - ما أخبرنا أبو عبد الله، قال: حدثنا أبو العباس، قال: أنبأنا الربيع، قال:


(١) الرسالة ص ٥٠٩ - ٥١٠ وفي ح «فالقياس».
(٢) في ا: «السنين»
(٣) في ح: «تبينا»
(٤) الرسالة ٥١٠ - ٥١١ وما بين القوسين سقط من ا.
(٥) في ا: «فيها».