للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأربع نيرات (١) مختلفات، في جسد واحد، متفقات الدوام (٢) على تركيبه (٣) في استقامة الشكل: دليل على أن الله واحد. وأربع طبائع مختلفات في الخافقين، أضداد غير أشكال، مؤلفات على إصلاح الأحوال: دليلٌ على أن الله واحد: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٤)} كل ذلك: دليل على أن الله واحد لا شريك له.

فقال له بشر: وما الدليل على أن محمداً رسول الله؟

قَال: القرآن المنزل، وإجماع المسلمين عليه، والآيات التي لا تليق بأحد غيره – يعني المعجزات التي ظهرت عليه دون غيره – وتقرير المعلوم (٥) في كون الإيمان بدليل واضح: دليل على أنه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا بعده مُرْسَلٌ نُقِرُّ له.


(١) وتفسيره: أن في للبدن نيراناً أربعة: «أحدها»: نار الشهوة، وهي الحرارة التي تثور في بدن الإنسان عند قضاء شهوة الجماع. «وثانيها»: حرارة الغضب، وهي الحرارة التي تثور عند استيلاء الغضب. «وثالثها»: الحرارة القائمة بأعضاء الغذاء، وهي الحرارة المؤثرة في هضم الأغذية. «ورابعها»: الحرارة الغويزية المتولدة في قلب الحيوان، وهي الحرارة التي بها يتم أمر الحياة، فهذه الأنواع الأربعة من الحرارة نيران مختلفة بالماهية، ثم إنها اجتمعت في بدن الإنسان، وبقى كل واحد منها على صفتها المخصوصة، وطبيعتها المخصوصة، وهي كامنة في بدن الإنسان، لا تظهر إلا عند وقت الحاجة إليها، ثم إنها، مع اختلافها وتباينها، متوافقة متعاونة، على تحصيل مصلحة الإنسان، وموجبة لاستقامة ذلك الجسد.
(٢) ليست في ح ولا في هـ.
(٣) في ح: «رتبته».
(٤) سورة البقرة: ١٦٤.
(٥) في ح: «تقدير المعلوم» وفي هـ: «وتقرير العلوم».