للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وفي دعاء الشافعي رحمه الله في الصلاة على الجنازة دلالة على مذهبه في فتنة القبر وعذابه؛ فإنه قال «في كتاب الجنائز» في دعائه للميت: وقِهِ عذابَ القبر وكلّ هول دون القيامة.

وقال في موضع آخر: وقه فتنة القبر وعذابه [(١ وأفسح له في قبره ١)].

قرأت في كتاب أبي نعيم الأصبهاني، وأخبرني به الثقة عنه، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أحمد، قال: حدثنا أبو علي: محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري، بدمشق، قال: حدثنا: محمد بن هارون بن حسان، قال: حدثنا أحمد ابن يحيى بن الوزير، قال: حدثنا أبو عبد الله: محمد بن إدريس الشافعي عن يحيى بن سليم، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن عبد الله بن جعفر، عن علي ابن أبي طالب: أنه خطب الناس يوماً، فقال في خطبته:

وأعجب ما في الإنسان قلبه: فيه مواد من الحكمة وأضداد من خلافها، فإن سنح له الرجاء أولهه الطمع، وإن هاج به الطمع أهلكه الحرص، وإن ملكه اليأس قتله الأسف، وإن عرض له الغضب اشتد به الغيظ، وإن أسعد بالرضا نَسِي التحفُّظ، وإن ناله الخوف شَغَله الحزن، وإن أصابته مصيبة قَصَمه الجزع، وإن أفاد مالاً أطغاه الغِنى، وإن عضّته فاقة شغله البلاء، وإن أجهده الجوع قعد به الضعف. فكل نقص (٢) به مُضِرّ، وكل إفراط له مُفسد.

قال: فقام إليه رجل ممن كان شهد معه الجمل، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر؟ فقال: بحر عميق فلا تلجه. فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن القدر؟


(١) ما بين الرقمين ليس في ا.
(٢) في ح: «تقصير».