للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهاتان الروايتان وإن لم تُخالفهما (١) غير معروفتين عندنا، ونحن نرجو أن لا يكون ممن تدعوه الحجة على من خالفه إلى قبول خبر من لا يَثبت خبره بمعرفته عنده. وله من أمثال هذا كلام كثير نقله إلى «كتاب المعرفة».

ومما يعد في إتقانه واحتياطه: أنه كان يروي حديثا بإسناد صحيح وآخر بإسناد أضعف منه فيميز بينهما فيما يدبر من الكلام بالعبارة.

ومثال ذلك أنه روى حديث مالك وسفيان عن أبي الزبير عن جابر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قضى في الأرنب بعَناق (٢)، وحديثه عن سعيد عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الضحاك عن ابن عباس في معناه. ثم قال فيما يريد من الكلام: وقلنا قول عمر بن الخطاب وما روى عن ابن عباس أن فيها عَناقا دون المسِنَّة، وذكر حجته. فميز بينها في اللفظ؛ لأن الرواية فيه عن عمر رضي الله تعالى عنه موصولة صحيحة من ابن عباس فقال: وما روى ابن عباس لم يقل قول ابن عباس.


(١) في ح: «يخالفانا».
(٢) في الأم ٢/ ١٦٤ - ١٦٥: أخبرنا مالك وسفيان، عن أبي الزبير، عن جابر أن عمر ابن الخطاب قضى في الأرنب بعناق.
أخبرنا سعيد بن سالم، عن إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق، عن الضحاك بن مزاحم، عن ابن عباس: أنه قال: في الأرنب شاة.
أخبرنا سعيد، عن ابن جريج أن مجاهدا قال: في الأرنب شاة.
قال الشافعي:
الصغيرة والكبيرة من الغنم يقع عليها اسم شاة، فان كان عطاء ومجاهد أرادا صغيرة فكذلك نقول، ولو كانا أرادا مسنة خالفناهما، وقلنا قول عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، وما روى عن ابن عباس من أن فيها عناقا دون المسنة، وكان أشبه بمعنى كتاب الله تعالى، وقد روى عن عطاء ما يشبه قولهما: أخبرنا سعيد بن سالم، عن الربيع بن صبيح، عن عطاء بن أبي رباح أنه قال: في الأرنب عناق أو حمل.