للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عبد الأحد القمي (١) قال: إن «أبا إبراهيم المزني» عَبَدَ الله كذا وكذا سنة عبادة منتظر قال:

وكان «المزني» يصلي بحضرة أصحابه وهم يتناظرون، فإذا أشكل عليهم مسألة انتظروا سلامه، فإذا سلّم سألوه فقالوا: يا أبا إبراهيم، إن اشتغالك بتعليمنا أفضل لك من الصلاة يعنون (٢) النافلة. قال: وكيف قالوا؟ لأنّ تعليمك العلم يَعدُوك وصلاتك لا تعدوك. فترك الصلاة وأقبل على تعليمهم.

قال يوسف: وكان «أبو إبراهيم المزني» يشرب في الشتاء والصيف من كوزِ صُفْرٍ فقيل له في ذلك فقال: بلغني أنهم يستعملون السّرقين في هذه الكيزان والنار لا تطهره (٣).

وقرأت في كتاب الحمشاذي: وقيل إن «المزني» كان يصلي بمصر الصلوات جماعة، فربما يخرج للطهارة ويتباعد إلى النيل، فإذا رجع وجدهم قد فرغوا من الصلاة فيعيد تلك الصلاة خمسا وعشرين مرة.

أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سمعت محمد بن عبد الله بن شاذان يقول: سمعت محمد بن علي الكتابي (٤) يقول: سمعت عمرو بن عثمان المكي يقول:

ما رأيت أحداً من المتعبدين في كثرة من لقيت منهم بمكة ممن هو مقيم ومن قدم علينا في المواسم، ولا فيمن لقيت بالشام وسواحلها ورباطاتها والإسكندرية - أشد اجتهاداً من «المزني» ولا أدوم على العبادة منه، ولا رأيت


(١) من ح.
(٢) في ح: «يعني».
(٣) طبقات الشافعية ٢/ ٩٤.
(٤) في ح: «الكناني».