للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥- الصراع الاقتصادي في البادية:

إذا ما تركنا هذه المدن التجارية بطبقاتها الاقتصادية، وما يدور بينها من صراع، ومضينا إلى البادية لنتبين موقف أهلها من هذا النشاط التجاري، فإننا نجد أن موقفهم قد اختلف تبعا لمواقع قبائلهم، من حيث قربها من مراكز النشاط التجاري وطرق القوافل أو بعدها عنها.

ومن الطبيعي أن تشارك القبائل التي كانت تنزل على طول الطرق التجارية أو قريبا منها في هذا النشاط التجاري، فقد كان مرور القوافل التجارية بهم فرصة تسنح لهم من حين إلى حين، يستغلونها في إنعاش حياتهم الاقتصادية ولو لفترة محدودة من الزمن، فكان بعض الأفراد من الطبقات الفقيرة في هذه القبائل يعملون لهذه القوافل نظير أجر يتقاضونه، يعينهم على تكاليف الحياة، ويساعدهم على موازنة حياتهم الاقتصادية، وسداد ما عليهم من ديون اضطروا إليها في أوقات الأزمات التي كانوا كثيرا ما يتعرضون لها. ويحدثنا الطبري أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما كان يستعد لغزوة بدر بعث برجلين إلى ماء بدر ليتحسسا له أخبار قريش، فسمعا جاريتين "تتلازمان على الماء، والملزومة تقول لصاحبتها: إنما تأتي العير غدا أو بعد غد فأعمل لهم حتى أقضيك الذي لك"١.

وليس من شك في أن هذه القوافل الضخمة في رحلاتها الطويلة في مجاهل


١ تاريخ الطبري ٢/ ٢٧٥ - والملازمة: المطالبة بالحق.

<<  <   >  >>