للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧- الواقعية:

والظاهرة السابعة التي نلاحظها على شعر الصعاليك هي "الواقعية". وأول مظاهر هذه الواقعية اتخاذهم الحياة بما فيها من خير وشر مادة لموضوعاتهم، وبعدهم عن الإمعان في الخيال إمعانا ينقلهم من عالم الوقع إلى عالم الأوهام بسحبه العالية وأبراجه العاجية. ونظرة إلى موضوعات شعرهم التي عرضنا لها في الفصل السابق ترينا هذا المظهر واضحا جليا، فقد صور الشعراء الصعاليك في فنهم البيئة البدوية التي يعيشون فيها بكل مظاهرها: الصحراء القاسية بشعابها وجبالها وأغوارها، وصخورها ومياهها، وحرها وبردها، ولياليها المظلمة الرهيبة، وحيوانها الشارد في آفاقها، ووحشها الرابض في أرجائها، وحشراتها المتوارية في جحورها والساربة فوق رمالها، وصوروا مظاهر الطبيعية المختلفة كما شاهدوها: طلوع الفجر، وغروب الشمس، والندى المتساقط في أول الليل وفي آخره، والبرق والرعد، والسحاب والمطر، وصوروا الحياة الواقعية التي يحيونها بكل ما فيها من واقع خير وواقع شرير: الكرم والمروءة، والعطف على الفقراء والمرضى والضعفاء، والسلب والنهب وسفك الدماء، وبكل ما فيها من محاسن وعيوب: الشجاعة والبطولة، والقوة والمغامرة، والهرب والفرار، والفقر والجوع والهزال والهوان، وصوروا الشخصيات الإنسانية التي يتصلون بها كما يرونها في الواقع المحسوس بكل ما بينها من تباين واختلاف: الأعداء والأصدقاء، والصعاليك العاملين والصعاليك الخاملين، والنساء المشجعات والنساء المثبطات، والنساء المعجبات

<<  <   >  >>