للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الفصل الثالث: التفسير الاجتماعي لظاهرة الصعلكة]

١- القبيلة:

حين ننظر إلى المجتمع الجاهلي في صورته العامة نرى أنه مجتمع قبلي، انقسم فيه العرب إلى وحدات اجتماعية متعددة، عرفت كل منها باسم القبيلة.

وقد نزلت كل وحدة من هذه الوحدات الاجتماعية في بقعة من الجزيرة العربية يتوافر فيها الماء والكلأ، واتخذت منها موطنا لها، فإذا ما ساءت ظروفها الجغرافية، فأحالت موطنها إلى بقعة جرداء غير صالحة للحياة، انتقلت منها إلى بقعة أخرى. أما إذا كان الموطن الأول أرضا ذات خصب دائم -نظرا لظروف جغرافية مواتية- فإن القبيلة تستقر فيه استقرارا دائما، وتنشئ فيه قرية. وقد نزلت بعض القبائل العربية في المدن القليلة المبعثرة في أرجاء الجزيرة، واتخذت منها مواطن لها، ولكن يجب أن نلاحظ أن هذه القبائل لم تفقد صورتها القبلية، فقد ظلت لكل منها "منازلها الخاصة، ومعاقلها الصغيرة، وساداتها، وشئونها الخاصة"١. ومرد ذلك إلى أن "رابطة القبيلة كانت أقوى من رابطة المدينة، حتى لقد تؤدي الثارات بين قبيلة وقبيلة إلى انقسام المدينة على نفسها"٢. ولكن هذه القبائل -مع ذلك- كانت أكثر استقرارا من قبائل البادية؛ لأن وسائل العيش في المدن لا تقع تحت رحمة


١ smith; kinship and marriage in early arabia, P. ٢.
٢ ibid, P. ٢.
ولعل من خير الأمثلة على هذا ما كان بين الأوس والخزرج في يثرب، وما كان بين عبد شمس وهاشم في مكة.

<<  <   >  >>