رأينا أن شعر الصعاليك لم يصل إلينا منه مجموعا سوى ديوانين هما ديوان عروة وديوان الشنفرى، ورأينا أن هذا الشعر قد توزع بين مصادر الثقافة العربية المختلفة، وأن من يريد أن يجمع "ديوان الصعاليك" عليه أن ينقب بين كل هذه المصادر وقد لاحظنا على المادة التي جمعناها والتي تكون ديوان الصعاليك ثلاثة أشياء: قلتها، وكثرة الاضطراب في رواية نصوصها، ثم الشك الذي يحيط ببعض نصوصها. ورأينا أن مجموعة شعر الصعاليك التي دار حولها الشك نوعان: فمجموعة كان الشك فيها "داخليا"، والخطب في هذه المجموعة هين، ومجموعة كان الشك فيها "خارجيا"، وأشهر شعر هذه المجموعة لاميتان تنسبان لتأبط شرا والشنفرى ويتهم خلف الأحمر بصنعهما، وقد وقفنا عند هاتين اللاميتين طويلا، وانتهينا إلى ترجيح نسبتهما إلى خلف.
ثم مضينا إلى مجموعة شعر الصعاليك فدرسنا موضوعاتها، ورددنا هذه الموضوعات إلى مجموعتين أساسيتين؛ مجموعة الشعر داخل دائرة الصعلكة، ومجموعة الشعر خارج دائرة الصعلكة.
ورأينا أن الشعراء الصعاليك قد تعرضوا في المجموعة الأولى لكل ما كان يدور في حياتهم الفردية أو حياتهم الجماعية، فتحدثوا عن مغامراتهم، وعن تربصهم فوق المراقب في انتظار ضحاياهم، وعن توعدهم أعداءهم وتهديدهم لهم، وعن أسلحتهم سواء منها أسلحة الهجوم أو أسلحة الدفاع، وتحدثوا عن رفاقهم الذين رافقوهم في هذه المغامرات، وتحدثوا عن فرارهم وهربهم، وعن سرعة عدوهم، وعن غزواتهم على الخيل، وعللوا لمغامراتهم، وفسروا الدوافع التي دفعتهم إليها، وذكروا العقد النفسية التي كانت سببا لها، كما تحدثوا عن آرائهم الاجتماعية والاقتصادية، وعن تشردهم في أرجاء الصحراء المقفرة، واتصالهم بحيوان الصحراء ووحشها وأشباحها.
أما المجموعة الأخرى، مجموعة الشعر خارج دائرة الصعلكة، فإننا تلمسنا أولا آثار القبلية فيها، ولاحظنا أن هذه المجموعة من الشعر القبلي تقابلنا في شعر الصعاليك قليلة. كما أن عدد شعرائها قليل أيضا.
ثم مضينا بعد ذلك إلى المخضرمين من الشعراء الصعاليك نتلمس الآثار