الإسلامية في شعرهم بعد الإسلام ومن الطبيعي أن موضوعات هذه المجموعة الإسلامية قد خلت من تلك الموضوعات التي عرفناها في شعرهم داخل دائرة الصعلكة، ومع ذلك فقد رأينا رواسب ضئيلة من الصعلكة تتسرب من حين إلى حين في أثناء هذا الشعر.
ثم مضينا ندرس الظواهر الفنية في شعر الصعاليك، فلاحظنا أول ما لاحظنا أنه شعر مقطوعات، وقد ملنا في تعليلنا لهذا إلى طبيعة حياة الصعاليك نفسها، تلك الحياة القلقة التي لا تكاد تفرغ للفن من حيث هو فن يفرغ صاحبه لتطويله وتجويده. ثم لاحظنا ظاهرة أخرى وهي ظاهرة الوحدة الموضوعية، ورأينا أن أكثر مقطوعات شعر الصعاليك وقصائده تقبل العناوين، بل إن مطولاته -برغم تعدد أغراضها- نستطيع أن نردها إلى أصل موضوعي واحد، فليس التعدد هنا تعددا في الموضوع، وإنما هو تفرع في أغراض الموضوع الواحد، ورأينا مع ذلك أن هناك طائفة قليلة جدا من قصائد شعر الصعاليك لا تخضع لهذه الظاهرة، وقد رددنا هذا إلى ما سميناه "ظاهرة تقليد الشعراء الصعاليك للشعر القبلي في صورته الشكلية"، وقلنا إن هذه الظاهرة ليست من الخطر في شيء على الفكرة التي نقررها. ثم لاحظنا أن شعر الصعاليك قد تخلص من المقدمات الطللية التي عرفها الشعر القبلي، ما عدا تلك المجموعة التقليدية، ورأينا أن الشعراء الصعاليك استعاضوا عنها بمذهب آخر أطلقنا عليه "مقدمات الفروسية في شعر الصعاليك". ثم لاحظنا بعد ذلك أن شعر الصعاليك قد تخلص أيضا من التصريع في مطالع نماذجه الفنية، ورأينا أن هذه الظاهرة توشك أن تكون مطردة في كل شعر الصعاليك. ثم لاحظنا بعد ذلك أن مجموعة شعر الصعاليك التي اصطلحنا على تسميتها "الشعر داخل دائرة الصعلكة" قد تحلل أصحابها من الشخصية القبلية، وحلت محلها ظاهرة أخرى أطلقنا عليها "ظاهرة الوضوح الفني لشخصة الشاعر الصعلوك"، وأن هذه الظاهرة كانت ظاهرة شاذة في المجتمع الأدبي الجاهلي فأطلقنا على الشعراء الصعاليك "أصحاب المذهب الشاذ في الشعر الجاهلي". ثم درسنا