للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه المصادر، حتى ليصح أن نقول -في شيء من الحذر- إن كل هذه المصادر تضم أبياتا من شعر الصعاليك. وأظن أن ليس في هذا غرابة، فما دام شعر الصعاليك يمثل البادية العربية في كثير من جوانبها اللغوية والجغرافية والاجتماعية والاقتصادية تمثيلا صادقا صحيحا، فمن الطبيعي أن يتخذه اللغويون والرواة والجغرافيون والمؤرخون مصدرا من مصادرهم الأساسية؛ لأنهم يجدون فيه شواهد لكثير مما يقررون.

ومن هنا كانت المجموعة اللغوية من أهم مصادر شعر الصعاليك، وأخص بالذكر منها لسان العرب وتاج العروس وجمهرة اللغة لابن دريد، وأهمية هذه المصادر -إلى جانب ما تقدمه لدارس شعر الصعاليك من شرح لألفاظه ومعانيه، وإلى جانب ما تتيحه له من فرصة الموازنة بين الروايات المختلفة- ترجع أيضا إلى ما انفردت به من أبيات لم ترو في مصادر هذا الشعر الأخرى١، بل إن الأمر ليصل أحيانا إلى انفرادها بمجموعة كبيرة من الأبيات لشاعر واحد من بحر واحد وقافية واحدة مما يرجح أنها من قصيدة واحدة٢، أو انفرادها بأبيات تصلح أن تكون تكملة لما روته المصادر الأخرى٣.

فإذا تركنا هذه المجموعة اللغوية وجدنا أن المجموعة الجغرافية، وأخص بالذكر منها معجم البلدان لياقوت، ومعجم ما استعجم للبكري، من المصادر


١ انظر على سبيل المثال في لسان العرب المواد: قطر. وجر. بأس. سكن. نوم "تأبط شرا" - جوش. شهق. قها "أبو الطمحان" - رمل. صرى "السليك" - ولغ "حاجز" - وانظر أيضا ابن دريد: جمهرة اللغة ١/ ١٤٠ "حاجز".
٢ انظر الأبيات اللامية من بحر الطويل لتأبط شرا في المواد: جلب. خعب. ركب. شحب. كلب. صوف. ثمل. ختل. رسل. رعل. سلل. كدل. هبل. هدمل. جثم. رعى. غزا. وهي أبيات نرجح -لاتحاد وزنها وقافيتها وموضوعها- أنها من قصيدة واحدة لم تصل إلينا، كما نرجح أن الأبيات التي تروى في معلقة امرئ القيس، والتي يشك الرواة في صحة نسبتها إليه، ويرجحون أنها لتأبط شرا، وهي التي يتحدث فيها عن حمله قوية الماء وقطعه الوادي المقفر حيث تعوي الذئاب، من هذه القصيدة أيضا.
٣ انظر على سبيل المثال لسان العرب: مادة "جذمر" حيث يروي بيت لتأبط شرا لعله من قصيدته الرائية التي يرويها له الأصمعي في الأصمعيات/ ٣٥.

<<  <   >  >>