للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما صخر الغي -وإن لم يرد فيما بين أيدينا من شعره حديث عن المراقب- فإن حديثها قد ورد عنه في رثاء شاعر هذلي له هو أبو المثلم، حيث يصفه بأنه "رباء مرقبة"١

وأما عروة فصفة الزعامة لا تفارقه، فهو لا يقف ربيئا لأصحابه، وإنما يبعث أحدهم ليرقب لهم الطريق فوق المرتفعات، وهو يرسم في بعض شعره صورة لهذا الربيء، وقد وقف فوق مرقبة ثابتا لا يتحرك كأنما غرس فوقها، ولكن عينيه لا تستقران، فهو يقلبهما دائما في الفضاء الذي يحيط بهم، حيث أناخوا إبلهم، وأوقدوا مواقدهم يهيئون لأنفسهم طعاما:

إذا ما هبطنا منهلا في مخوفة ... بعثنا ربيئا في المرابئ كالجذل

يقلب في الأرض الفضاء بطرفه ... وهن مناخات ومرجلنا يغلي٢

التوعد والتهديد:

كما تحدث الشعراء الصعاليك عن التربص والترصد تحدثوا عن التوعد والتهديد، حتى يجمعوا بين ركني الجريمة القانونيين: التربص وسبق الإصرار!

وأكثر من يتوعدهم الشنفرى بنو سلامان، أولئك الذين أشربت نفسه بغضهم، والذين كانوا السبب المباشر لتصعلكه، والذين عاهد نفسه ليقتلن منهم مائة بما اعتبدوه٣. وهو يتوعدهم في شعره توعدا عنيفا، فيعلن لهم أنه -ما لم يحل الموت بينه وبينهم- لن يكف عن غزوهم، فالمسألة عنده مفروغ منها، وكل ما يرجوه أن يمد الله في أجله حتى يشفي غليله منهم حين يلاقيهم في عقر دارهم:

فإلا تزرني حتفتي أو تلاقني ... أمش بدهو أو عداف بنورا

أمشي بأطراف الحماط، وتارة ... ينفض رجلي بسيطا فعصنصرا

أبغي بني صعب بن مر بدارهم ... وسوف ألاقيهم إن الله أخرا


١ شرح أشعار الهذليين ١/ ٣٤.
٢ ديوانه/ ١١١، ١١٢ - الجذل هنا جذع الشجرة.
٣ انظر الأغاني ٢١/ ١٣٤.

<<  <   >  >>