للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يغرون صاحبهم بنا ... جهدا وأغري غير كاذب

أغري أبا وهب ليعـ ... ـجزهم ومدوا بالحلائب

مد المجلجل ذي العما ... ء إذا يراح من الجنائب

يغري جذيمة والردا ... ء كأنه بأقب قارب١

ويرسم أبو خراش في ميميته التي يتحدث فيها عن فراره من خزاعة صورة دقيقة لمطارديه، وقد اقترب منه أحدهم حتى صار كأنه توءم له، والسهام تنهال حوله ولكنها تخطئه، وكيف زاد من سرعته حين رأى وراء ظهره أحد مطارديه مسرعا وقد بسط ذراعيه، ومد ساقيه الطويلتين، وهو حريص على أن يدركه لأن له ثأرا عنده، وأبو خراش حريص على أن ينجو منه لأنه شخص فاتك جريء أثيم:

بأسرع مني٢ إذ عرفت عديهم ... كأني لأولاهم من القرب توءم

وأجود مني يوم وافيت ساعيا ... وأخطأني خلف الثنية أسهم

أوائل بالشد الذليق وحثني ... لدى المتن مشبوح الذراعين خلجم

تذكر ذحلا عندنا وهو فاتك ... من القوم يعروه اجتراء ومأثم٣

ومن أطرف الأشياء أن يحدثنا الأعلم عن كراهيته لمطارده، لا لشيء إلا لأنه عداء سريع لا يألو جهدا في مطاردته:

كرهت جذيمة العبدي لما ... رأيت المرء يجهد غير آلي٤

وأكثر ما يتحدث الصعاليك العداءون عن شدة عدوهم مقرونة بموازنة بينهم وبين الطير أو بعض حيوان الصحراء المشهور بسرعة العدو.

ويتردد ذكر حمار الوحش عند صعاليك هذيل، ولا نعثر به عند غيرهم


١ شرح أشعار الهذليين ١/ ٥٥، ٥٦. وحماسة البحتري / ٦٦ - العماء: أرفع السحاب في السماء. يراح: تصيبه الريح. القارب: طالب الماء ليلا. أبو وهب صاحبه، وجذيمة عدوه.
٢ متعلقة بوصفه ظبيا يطارده الصيادون يشبه به نفسه في شدة عدوه.
٣ ديوان الهذليين ٢/ ١٤٧. وحماسة البحتري / ٦٤. والأغاني ٢١/ ٥٦ - واءل: طلب النجاة. مشبوح الذراعين: عريضهما. الخلجم: الطويل.
٤ شرح أشعار الهذليين ١/ ٦٠.

<<  <   >  >>