للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوافد على عبد الملك بن مروان قبل أن ينهض إلى حرب ابن الزبير فضمن له على أهل العراق طاعتهم وتسليم بلادهم إليه، وأن يسلموا مصعبا إذا لقيه ويتفرقوا عنه، وله يقول الأقيشر في هذه الوفادة:

وفد الوفود فكنت أفضل وافد ... يا فاتك بن فضالة بن شريك١

وقد يؤيد هذا أن كل أخبار تصعلك فضالة قد ضاعت أيضا، والسبب هنا هو السبب هناك، ولو قد وصل إلينا شيء منها لوقفنا من هذا الفرض موقف المتشكك.

ومهما يكن من أمر فإن موضوعات "المجموعة الإسلامية في شعر الصعاليك" قد خلت من تلك الموضوعات التي عرفناها في شعرهم داخل دائرة التصعلك، وهذا طبيعي بعد أن غير الإسلام من أوضاع الحياة العربية الاجتماعية والاقتصادية ولم يعد للتصعلك مجال فيها. وتوشك موضوعات هذه المجموعة الإسلامية أن تنحصر في تلك الموضوعات العامة التي يعرفها الشعر العربي: المدح والهجاء والرثاء.

أما المدح والهجاء فيوشك فضالة أن يستأثر بهما. ويبدو أن فضالة أدرك أن هذه وسيلة من وسائل العيش تغنيه عن التصعلك، فاندمج في الوسط السياسي الأموي، وشارك شعراءه، وأصبح شاعرا أمويا يمدح الأمويين ويهجو أعداءهم. وهو يؤثر بالمدح خاصة يزيد بن معاوية٢، وقد تبدو هذه الصلة بين يزيد وفضالة طبيعية، فقد كان يزيد بما فيه من استهتار وجاهلية أقرب إلى نفس فضالة الصعلوك، حتى ليجيره من عمرو بن سعيد بن العاص أمير المدينة يؤمئذ بعد أن هرب منها لهجائه عاصم بن عمر بن الخطاب، واستعداء عاصم الأمير عليه٣، وهو -وإن يكن قد آثر يزيد بمدحه- لم ينس أن يمدح بني أمية عامة٤.


١ الأغاني ١١/ ٢٧١ "دار الكتب" وانظر أيضا ١٠/ ١٧١ "بولاق".
٢ الأغاني ١٠/ ١٧٠، ١٧٢ "بولاق".
٣ المصدر السابق/ ١٧١، ١٧٢.
٤ المصدر نفسه/ ١٧٠، ١٧٢، ١٧٣.

<<  <   >  >>