للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه شيئا من الغرابة والبراعة فيقلبه، فإذا صوت الرعد كأنه زئير الأسد:

كأن خوات الرعد رز زئيره ... من اللاء يسكن الغريف بعثرا١

ولعل أطرف الصور التي رسمها الشعراء الصعاليك مستخدمين أصباغ هذا المنبع تلك الصورة التي رسمها الشنفرى لصاحبته في قصيدته التائية المشهورة، وهي صورة حشد لها الشنفرى مجموعة من الألوان المتناسقة الزاهية، وأجاد مزجها وعرضها إجادة رائعة، فصاحبته طيبة الرائحة تملأ البيت عطرا، كأن البيت أغلق على ريحانة مطلولة، سرت إليها نسمات باردة في وقت العشاء، فجاءت بأريجها المعطر، وهذه الريحانة نبتت في ربوة فهي لهذا قوية الرائحة، ثم هي ريحانة ناضجة قد خرج نورها، وانتشر عطرها في كل جانب، ثم هي فوق ذلك كله في بقعة خصبة كل ما حولها خصب غير مجدب:

فبتنا كأن البيت حجر فوقنا ... بريحانه ريحت عشاء وطلت

بريحانه من بطن حلية نورت ... لها أرج، ما حولها غير مسنت٢

على هذا النحو استغل الشعراء الصعاليك هذه المنابع الثلاثة في تأليف أصباغهم التي استخدموها في رسم لوحاتهم التشبيهية.


١ ديوانه/ ٥٦.
٢ المفضليات/ ٢٠٢ - ريحت: أصابتها ريح فجاءت بنسيمها. وطلت: أصابها الطل. والمسنت: المجدب.

<<  <   >  >>