للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرهو المدارية ذات الضغط العالي والمطر القليل، والقسم الآخر يقع في حيز الرياح التجارية الشمالية الشرقية الجافة، التي تزداد حرارتها كلما تقدمت إلى الجنوب. "ويزداد هذا الحر قسوة فوق المنطقة الساحلية بسبب الرطوبة التي تنشأ عن كمية البخار الهائلة المتصاعدة من مستنقعات المياه المغلقة"١ أما فوق المرتفعات فإن درجة الحرارة تنخفض حتى ليوجد الجليد أحيانا في ليالي الصيف فوق الجبال جنوبي مكة٢.

ومن عوامل الجدب قلة المطر، وذلك لأن الرياح الموسمية الجنوبية الغربية التي تتعرض لها الجزيرة العربية صيفا تصل إليها بعد أن تكون قد أسقطت أمطارها الغزيرة على الحبشة، ولهذا فإن أمطارها في بلاد العرب لا تكاد تذكر بجانب ما يسقط منها في الحبشة.

وإلى جانب هذه القلة في كمية المطر نلاحظ أنه يسقط في فترات متباعدة جدا، وغير منتظمة، حتى إن بعض أجزاء الجزيرة العربية لا يسقط المطر فيها إلا كل ثلاث سنوات أو أربع.

وترتبط حياة أهل الصحراء بالمطر ارتباطا وثيقا حتى لقد سموه غيثا وحيا، ويصفه الله تعالى بأنه "رحمته"٣، ومن صلوات الإسلام "صلاة الاستسقاء" التي يقيمها البدو حين تُخلف النجوم، وتجمد الرياح، ويحتبس المطر، فتحيا بها بعد موتها. وليس من شك في أن فرحة البادية بالمطر عظيمة، حتى ليصف الله تعالى تأثيره في نفوس أهلها بأنه {إِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُون} ٤، وحتى ليقف الشعراء من السحاب والبرق والمطر تلك الوقفات الطويلة الجميلة التي سجلوها في شعرهم، فيخلع امرؤ القيس


١ ibid,. P. ٢٠.
٢ o'leary; arabia before muhammad, P. ٨.
٣ النمل/ ٦٣، والروم/ ٤٦-٥٠.
٤ الروم/ ٤٨.

<<  <   >  >>