للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقبيلته قائم على أساس عاطفي بحت، ولا مجال للتفكير فيه١، وإنما هي النجدة التي تجيب دون أن تسأل٢، وهي نجدة عملية سريعة لا تحتمل انتظارا، إجابتها تنفيذها٣، وتنص "مواد" هذا الدستور على أن نجدة أبناء القبيلة لأخيهم واجبة سواء أكان جارما أن مجروما عليه، فمبدؤهم الذي يسيرون عليه "انصر أخاك ظالما أو مظلوما"٤، فجناية كل فرد منهم جناية المجموع، يعصبونها برأس سيد العشيرة٥، ولهم عليه أن يتحمل تبعاتها، وله عليهم أن يطيعوه فيما يأمرهم به.

وفي مقابل هذا الحق الذي كان للفرد على القبيلة، كان عليه واجب لها، عليه أن يحترم رأيها الجماعي، فلا يخرج عليه، ولا يتصرف تصرفا بدون رضاها، ولا يكون سببا في تمزيق وحدتها، أو الإساءة إلى سمعتها بين القبائل، أو تحميلها ما لا تطيق٦، ومن هنا "فرضت وحدة القبيلة، وتحمل المجموع لتبعات الفرد، على سادتها أن يمارسوا نوعا من الإدارة البوليسية، فإذا ارتكب فرد جرما رفضت القبيلة أن تتحمل نتائجه، وإذا أخطأ في حق قبيلته نفسها، فإنه يطرد منها"٧. ويسمى هذا الطرد خلعا، ويسمى


١
لا يسألون أخاهم حين يندبهم ... في النائبات على ما قال برهانا
"قريط بن أنيف في حماسة أبي تمام ١/ ٩".
٢
إذا استنجدوا لم يسألوا من دعاهم ... لأية حرب أم بأي مكان
"وداك بن ثميل المازني في حماسة أبي تمام ١/ ٦٤".
٣
ونجيب داعية الصباح بثائب ... عجل الركوب لدعوة المستنجد
"مضرس بن ربعي في المصدر السابق ٣/ ١٠٢".
٤ الميداني: مجمع الأمثال ٢/ ٢٤٢. ولم يعرف العرب في الجاهلية التأويل الإسلامي لهذا المثل من رد الظالم عن ظلمه وكفه عنه.
٥ "والعرب تقول: سيد معمم يريدون أن كل جناية يجنيها أحد من عشيرته معصوبة برأسه" "ابن قتيبة: عيون الأخبار ١/ ٢٢٦".
٦ يقول أبو سفيان "لست أخالف قريشا، أنا رجل منها ما فعلت فعلت" "الواقدي: كتاب المغازي/ ٢٠٠".
٧ ency. of islam; art. arabia, pP. ٣٧٥, ٣٧٦.

<<  <   >  >>