للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بني معن، فأغارت عليهم خيل بني القين بن جسر فأخذوا زيدا، فقدموا به سوق عكاظ، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد، وقيل اشتراه من سوق حباشة"١، وكانت أم عمرو بن العاص "من بني عترة أصابتها رماح العرب فبيعت بعكاظ"٢، وفي أخبار خناعة أنهم أسروا سيدا من سادة العرب "فباعوه بمكة"٣.

ومن هذا نرى أن بيع القبائل العربية لأساراها كان منتشرا في أسواق مكة بالذات، ويرينا ديوان الهذليين أنه كانت بمكة تجارة منتظمة في الرقيق تروجها الحروب التي كانت لا تنقطع بين القبائل المجاورة٤. وكان يحدث أحيانا أن يرد إلى أسواق مكة رقيق من أسرى العرب من المناطق البعيدة عنها، فقد كان أبو صهيب، سنان بن مالك، ينزل بأرض الموصل عاملا لكسرى على الأبلة، "فأغارت الروم على تلك الناحية فسبوا صهيبا، وهو غلام صغير، فنشأ بالروم، فابتاعته كلب منهم، ثم قدمت به مكة فاشتراه عبد الله بن جدعان"٥.

أما العنصر الآخر الذي شارك في تكوين طبقة العبيد في القبيلة العربية، وهو العنصر غير العربي، فقد كان مصدره البلاد المجاورة لجزيرة العرب كالحبشة وما حواليها من الأمم، فكان تجار الرقيق يحملون العبيد والإماء من هذه البلاد إلى جزيرة العرب يبيعونهم في أسواقها بالمواسم٦، ولم يكن ينظر إلى المسألة من جانبها الإنساني، وإنما هي تجارة كسائر التجارات تتخذ منها القبائل وسيلة للربح، فقد "كانت قريش تتجر بالرقيق مثل إتجارها بسائر


١ ابن الأثير: أسد الغابة في معرفة الصحابة ٢/ ٢٢٤.
٢ المصدر السابق ٤/ ١١٦.
٣ السكري: شرح أشعار الهذليين ١/ ١١٦.
٤ SMITH; KINSHIP AND MARRIAGE IN EARLY ARABIA, P. ٨٩.
٥ ابن قتيبة: المعارف/ ١١٤.
٦ جرجي زيدان: تاريخ التمدن الإسلامي ٤/ ٢٠.

<<  <   >  >>